في ظل هذه المعاناة التي نعيشها يوميا في هذا العالم الكئيب نحتاج احياناً الي نظام يعالج الفوضى الداخلية حتى نستطيع الصمود امام عبثية هذه الحياة وهنا يأتي دور الفلسفة الرواقية ومن لا يعلم ماهي الرواقية سوف اعطيه تعريف سريع لها قبل الاستمرار في الكتابة
زينون مؤسس المدرسة الرواقية وُلد حوالي ٣٣٦/٣٣٥ ق.م في كتيوم بقبرص وتوفي حوالي ٢٦٣/٢٦٤ ق.م في أثينا. جاء إلى أثينا حوالي ٣١٥–٣١٣ ق.م، واطلع على مذكرات زينوفان ومحاورة «الدفاع الأفلاطوني»، وأعجب بسقراط، فتتلمذ أولاً على أقريطيس الكلبي ثم على استلبون، كما استمع إلى زينوقراط وبوليمون بعد وفاته، وأسّس مدرسته حوالي ٣٠٠ ق.م في الرواق الذي كان يلقي فيه دروسه، وترك شذرات قليلة من مؤلفاته. في الرواقية القديمة ركّز الرواقيون على المنطق (الجدل والخطابة) ورفضوا النظريات الأفلاطونية والأرسطية عن الكلي، مؤكدين على معرفة الجزئيات. في القرنين الثاني والثالث ق.م، ظهر الميل الانتقائي عند فلاسفة الرواق، حيث دمجوا عناصر أفلاطونية وأرسطية تجاوباً مع الانتقادات الأكاديمية واحتكاكهم بالعالم الروماني العملي. أما الرواقية المتأخرة في الإمبراطورية الرومانية المبكرة، فتميزت بالتمسك بالمبادئ الأخلاقية العملية، مع صبغة دينية ونظرة تشبه الإنسان بالله، كما أبرزت واجب الإنسان تجاه الآخرين، وتجلى ذلك في تعاليم سينكا وأبكتيتوس وماركوس أوريليوس، مع استمرار الميل الانتقائي واهتمام محدود بالعلوم المعاصرة، كما يظهر من كتابات سينكا وأربع كتب من محاضرات أبكتيتوس وتأملات ماركوس أوريليوس ( موسوعة تاريخ الفلسفة - ج 1 - فردريك كوبلستون - ص 515 , 516 , 517 , 559 , 567 )
وبعد ان تعرفنا باختصار على الرواقية نذهب لاساس هذه التعاليم وهو انه تنقسيم الاشياء في هذه الحياة الى اشياء في قدراتك واشياء خارج قدراتك وتتعامل الرواقية من هذا المنطلق فيذكر لنا الفيلسوف الرواقي ابكتيتوس :
من الأشياء ما هو في قُدْرَتِنا وطوقنا، ومنها ما ليس في قدرتنا وليس لنا بِهِ يَد فَمَا يتَعَلَّقُ بِقُدرتِنا: أفكارنا ونَوازِعُنا ورغبتنا ونُفُورُنا، وبالجملة كل ما هو من عَمَلِنَا وصَنِيعنا. وبما لا يتعلَّق بقدرتنا أبدًا وأملاكنا وسمعتنا ومناصبنا، وبالجملة كل ما ليس من عَمَلِنَا وصَنِيعنا ( المختصر ، الكتاب الاول ، الفقرة ١ )
فالرواقية تعلم انه ماهو خارج ايدينا مثل الثروة او الشهرة او المناصب او او غيرها من الامور المادية ليس شئ نستطيع التحكم فيه ولكن الشئ الوحيد الذي نستطيع التحكم فيه هو انفسنا وهذا ما ركزت عليه الرواقية ان تهذب نفسك داخلياً حتى تصبح قادراً دائما على مواجهة المجهول فنحن الذين نعطي لهذا المجهول الهوية ونقوم بتفصيل هذه الوهية من خلال شعورنا نحوها
إذا كان بك كرب من شيء خارجي فإن ما يكربك ليس الشيء نفسه بل رأيك عن الشيء، وبوسعك أن تمحو هذا الرأي الآن" (٨-٤٧)، فالأشياء ذاتها خاملة، وإنما نحن الذين ننتج الأحكام عنها ونطبعها في عقولنا. وإن بوسعنا ألا نطبعها على الإطلاق، وأن نمحو في الحال أي حكم تصادف انطباعه " (١١-١٦) ( التأملات للامبراطور الروماني ماركوس أوريليوس )
فالموت هو في نظرنا كبشر هو شر ولكنه في نظر انسان يتالم من المرض هو طوق النجاة فالموضوع هو نسبي ونحن نعطيه التعريف من خلال تجربتنا له
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق