ملخص كتاب The Existence of God ( وجود الله ) للفيلسوف ريتشارد سوينبرن ( Richard Swinburne ) الجزء الاول

 



في كتابه وجود الله، يأخذنا الفيلسوف ريتشارد سوينبرن في رحلة فكرية لاستكشاف واحدة من أقدم وأعمق القضايا الإنسانية: هل يمكننا إثبات وجود الله بالعقل والمنطق؟ يبدأ الكتاب بمقدمة توضح الغرض الأساسي وهو تقييم الأدلة الفلسفية والتجريبية التي قد ترجح وجود الله أو تنفيه.


"القضية الأساسية ليست إذا ما كان هناك تناقض منطقي في مفهوم الإله، بل ما إذا كانت الأدلة الموجودة حولنا ترجح احتمال وجوده أو عدمه." (صفحة 1).


الفصل الأول: الحجج الاستقرائية

 

يتناول هذا الفصل الأنواع المختلفة للحجج الفلسفية، مع التركيز على الفرق بين الحجج الاستقرائية والاستنتاجية. يؤكد المؤلف أن الحجة الاستقرائية لا تهدف إلى تقديم استنتاج يقيني، بل تسعى إلى جعل الاستنتاج أكثر احتمالاً بناءً على الأدلة.

 

اقتباسات رئيسية:

 

حول أنواع الحجج الاستقرائية:

 

"الحجج الاستقرائية الجيدة تختلف بين نوعين: تلك التي تجعل النتيجة مرجحة أكثر بناءً على المقدمات (P-inductive)، وتلك التي تضيف إلى احتمالية النتيجة دون أن تجعلها أكثر من 50% (C-inductive)." (صفحة 5-6).

 

عن الغرض من الحجج:

 

"الغرض من الحجج هو جعل الأشخاص العقلانيين يقبلون النتائج. لتحقيق ذلك، يجب أن تكون المقدمات معروفة بأنها صحيحة لأولئك الذين يناقشون النتيجة." (صفحة 6).

 

أمثلة تطبيقية:

 

"الأدلة الرصدية عن سلوك الشمس والقمر والكواكب تجعل من الأرجح أن الأرض ستواصل الدوران حول محورها خلال الساعات الأربع والعشرين القادمة، وبالتالي شروق الشمس غدًا." (صفحة 5).

 

حول العلاقة بين الأدلة والنتائج:

 

"حتى عندما تكون هناك أدلة تدعم فرضية، فإنها لا تمنع أن تدعم أدلة أخرى فرضية منافسة. هذا ليس عيبًا في الحجج، بل هو سمة من سمات الحجج غير الاستنتاجية." (صفحة 19).

تحليل:

 

يشرح المؤلف الفرق بين الحجة الاستقرائية التي تعتمد على الاحتمالات، مثل "إذا كان 70% من سكان منطقة ما كاثوليكيين، فإن شخصًا عشوائيًا من المنطقة لديه احتمال 70% أن يكون كاثوليكيًا"، وبين الحجج الاستنتاجية التي تقدم نتائج مؤكدة. يوضح أهمية فهم الأدلة بشكل نقدي، وخاصة عند تطبيقها على قضايا كبيرة مثل وجود الله.

 

الفصل الثاني: طبيعة التفسير

 

الفصل الثاني يركز على أنواع التفسيرات، خصوصًا التفسير العلمي والتفسير الشخصي. يوضح الكاتب أن التفسير العلمي يعتمد على القوانين الطبيعية والشروط الأولية، بينما يعتمد التفسير الشخصي على نوايا وأفعال كائنات عاقلة. يتناول الفصل أيضًا العلاقة بين هذين النوعين وكيف يمكن أن يكونا مكملين لبعضهما.

 

اقتباسات رئيسية:

 

حول الفرق بين التفسير العلمي والشخصي:

 

"التفسير العلمي يوضح الظواهر بناءً على القوانين الطبيعية والشروط الأولية، بينما يفسر التفسير الشخصي الظواهر بناءً على نوايا وتصرفات كائن عاقل." (صفحة 45)​

.

 

حول قابلية الظواهر للتفسير:

 

"يمكن أن توجد تفسيرات علمية وشخصية متزامنة لبعض الظواهر، لكن أحيانًا نحتاج إلى تحديد أي تفسير هو الأجدر للاعتماد عليه." (صفحة 46)​

.

 

حول التفسير بإرادة الإله:

 

"عندما يدعي المؤمن أن فعل الله يفسر الظواهر، فإنه يستند إلى تفسير شخصي لظواهر قد تكون خارجة عن قدرة التفسير العلمي." (صفحة 47)​

 

عن حدود العلم:

 

"العلم يفسر لماذا تحدث بعض الظواهر، ولكنه لا يستطيع تفسير لماذا توجد قوانين الطبيعة نفسها." (صفحة 74)​

 

يتبع في المقال القادم

ملخص سريع لكتاب اربع وجهات نظر عن الجحيم

 



كتاب "Four Views on Hell" يعرض أربع وجهات نظر مختلفة حول مفهوم الجحيم في العقيدة المسيحية. يقدم كل مؤلف رؤيته الخاصة بشكل مستقل، ثم يقدم الآخرون استجابات ونقدًا لهذه الرؤية. الكتاب بمثابة حوار مفتوح بين الكُتّاب لمناقشة هذا الموضوع اللاهوتي المعقد، مستندين إلى النصوص الكتابية وتحليلاتهم اللاهوتية، مما يساعد القارئ على فهم الاختلافات وتكوين رأيه الخاص حول هذا الموضوع.


الفصل الأول: الرؤية الحرفية (The Literal View)

تقديم جون ف. والڤورد

 

يرى هذا الرأي أن الجحيم مكان حقيقي يتميز بالعذاب الجسدي الأبدي بالنار.

العقاب في الجحيم يُعتبر انعكاسًا لعدالة الله المطلقة ورغبته في محاسبة الخطاة.

النصوص التي تذكر النار والظلام والآلام تؤخذ بحرفية.

 

اقتباسات:

 

"الفكرة الكاملة للعقاب الأبدي تُقدَّم في الكتاب المقدس، مع تأكيد واضح على استمرارية العذاب دون انقطاع." (ص. 12)

"الإيمان بمحبة الله لا يلغي عدالته المطلقة التي تستوجب معاقبة الأشرار." (ص. 15)

"يصف الكتاب المقدس الجحيم بأنه مكان من الظلام التام حيث 'النار لا تنطفئ والدود لا يموت'." (ص. 18)

 

نقد هذا الرأي:

 

يرى المنتقدون أن التركيز على النار الحرفية يجعل العقاب يبدو غير متناسب مع الخطايا البشرية.

أشار زملاء والڤورد إلى أن النصوص الكتابية غالبًا ما تكون رمزية وليست حرفية

 

الفصل الثاني: الرؤية المجازية (The Metaphorical View)

تقديم ويليام ڤ. كروكيت

 

يرى كروكيت أن الجحيم ليس مكانًا ماديًا، بل حالة من العذاب الروحي والانفصال عن الله.

الصور المستخدمة في الكتاب المقدس مثل النار والظلام هي استعارات تهدف لتوضيح خطورة الجحيم.

 

اقتباسات:

 

"الصور المستخدمة في الكتاب المقدس تهدف لتوصيل فكرة أن الجحيم مكان رهيب، لكن ليست بالضرورة حرفية." (ص. 30)

"الجحيم يُقدَّم في نصوص مختلفة كـ 'النار الأبدية' وأيضًا كـ 'الظلام الخارجي'، مما يُشير إلى الرمزية." (ص. 31)

"في الزمن القديم، استخدم الكتّاب صورًا شديدة لتوصيل مدى رعب الحكم الإلهي، وكان الغرض هو التحذير وليس الوصف." (ص. 35)

 

نقد هذا الرأي:

 

يرى المدافعون عن الحرفية أن اعتبار النصوص مجازية يُضعف من التحذير الإلهي.

تساءل البعض عن مدى اتساق المجاز مع فكرة العدالة الإلهية

.

الفصل الثالث: رؤية المطهر (The Purgatorial View)

تقديم زكاري جاكوب هايز

 

يركز هذا الرأي على فكرة التطهير بعد الموت كفرصة ثانية للخطاة للتوبة.

يعتقد أن المطهر يعكس رحمة الله ويمنح فرصة للاستعداد الكامل للحياة الأبدية.

 

اقتباسات:

 

"المطهر هو تعبير عن رحمة الله، وهو فرصة لإعداد النفس لدخول النعيم الأبدي." (ص. 92)

"التطهير في المطهر ليس عقابًا انتقاميًا بل عملية شفاء وتقديس." (ص. 95)

"من خلال التطهير، يتم استكمال نقص البشرية ويتم تأهيل النفوس للقاء الله." (ص. 110)

 

نقد هذا الرأي:

 

اعتُبر هذا الرأي غير مدعوم بشكل كافٍ بالنصوص الكتابية من قبل بعض اللاهوتيين.

انتُقد أيضًا لاعتماده بشكل كبير على التقاليد الكاثوليكية بدلاً من نصوص الكتاب المقدس

.

الفصل الرابع: الرؤية الشرطية (The Conditional View)

تقديم كلارك هـ. بينوك

 

العقاب الأبدي يُستبدل بفكرة "الفناء الكامل"، حيث يُدمر الأشرار بالكامل بدلاً من معاناتهم للأبد.

يعتبر هذا أن الله رحيم ولا يمكن أن يسمح بعذاب أبدي

.

اقتباسات:


"العقاب الأبدي يُظهر الله كإله قاسٍ، بينما الفناء يعكس عدالته ورحمته في آنٍ واحد." (ص. 140)

"لغة الهلاك والموت الثاني في الكتاب المقدس تدعم فكرة أن الأشرار سيُفنون ولن يعانوا إلى الأبد." (ص. 145)

"الغرض الأساسي من العقاب هو إنفاذ العدالة، وليس الانتقام الأبدي." (ص. 152)

 

نقد هذا الرأي:

 

انتقده أصحاب الرؤية الحرفية، مثل والڤورد، باعتباره يقلل من أهمية العقاب الإلهي.

واجه اعتراضًا من البعض بسبب عدم تطابقه مع تقاليد الكنيسة المبكرة.


التفاعل بين الكتّاب

 

قدم كل كاتب ردودًا على الآراء الأخرى، مما أضاف عمقًا للحوار.

ركز النقاش بشكل كبير على تفسير النصوص ودور الرمزية مقابل الحرفية.

من أبرز النقاط الخلافية كان مدى توافق كل رؤية مع مفهوم العدالة الإلهية. 

هل نثق في البرديات المبكرة للعهد الجديد ؟

 



المقدمة

 

هل نثق في برديات العهد الجديد ؟ بمعنى احنا ليس لدينا المخطوطات الاصلية للعهد الجديد وهذا كنت قد تناولته في مقال قديم [1] واقدم المصادر التي لدينا عن العهد الجديد هي البرديات القديمة وأيضا كنت قد كتبت عنها دفاعاً في احد المقالات القديمة [2] وأريد في هذا المقال الكتابة عن أهمية هذه البرديات المبكرة للعهد الجديد وهل كان نسخ هذه البرديات جدير بالثقة ام ان نساخها لم يكونوا على درجة جيدة من الكفاءة للاعتماد عليهم في نقل نص العهد الجديد

 

ماهي البرديات ؟

 

في البداية قبل ان نعطي أي دراسة يجب ان نقدم تعريفاً لماهية البردية ونطرح سؤلاً تحت عنوان ماهي البرديات ؟

 

البردي هو نبات مائي ينمو بنجاح كبير في المياه الراكدة الضحلة للمستنقعات (انظر أيوب 8: 11: "هل ينبت البردي بلا مستنقع؟"). تمتد جذوره العريضة أفقياً تحت الطين، ومن هذه الجذور تنمو عدة سيقان قوية، ذات شكل ثلاثي في المقطع العرضي؛ وتحمي قاعدة النبات أوراق بنية قصيرة. يُعد البردي الأطول بين الأنواع النباتية لـ Cyperus papyrus، حيث يصل ارتفاعه إلى 12 أو 15 قدماً. في أعلى الساق، تتفرع إلى كتلة من الخيوط (تُسمى "المظلة")، وفي نهايتها يُنتج النبات أزهاراً بنية صغيرة. تحتوي ساق نبات البردي على قشرة خضراء قوية تُغلف لبّاً أبيض اللون كالعاج، والذي ينقل الماء والعناصر الغذائية من الجذر إلى الرأس المزهر. كان نبات البردي ذو أهمية كبيرة في الحياة اليومية واستخدم في العديد من التطبيقات العملية. تشمل الأمثلة الباقية حتى اليوم صنع الصنادل، والسلال، والحبال، حيث استُخدمت الأجزاء الأكثر صلابة من النبات. علاوة على ذلك، يخبرنا الكاتب اليوناني هيرودوت، من القرن الخامس قبل الميلاد، أن أجزاءً من نبات البردي كانت صالحة للأكل، خاصةً عند خبزها في فرن ساخن جدًا (التاريخ، الجزء الثاني، 92). ورغم أن غالبية السكان استخدموا النبات في مثل هذه الاستخدامات البسيطة، إلا أن استخدامه الأكثر إبداعًا كان كوسيلة للكتابة، وربما كان هذا أعظم إنجاز حققه المصريون القدماء (حوالي 3000 قبل الميلاد). وعلى الرغم من وفرة نبات البردي في المستنقعات، إلا أن تقنيات تصنيع مادة الكتابة كانت بالتأكيد تخصصية. وبالاقتران مع اقتصار التعليم على النخبة، ربما أدى ذلك إلى تركيز إنتاج ألواح ولفائف البردي في عدد محدود من الورش بمواقع معينة.[3]

 





رسم توضيحي 1حصاد نبات البردي في مصر القديمة. يتم هنا إعادة إنتاج جزأين من لوحة ملونة بالأبيض والأسود مأخوذين من اللوحتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة في كتاب نورمان دي غاريس ديفيز، مقبرة بوييمري في طيبة (نيويورك، 1922). يُلاحظ أن العمود الذي يستخدمه الرجل لتجديف القارب

 

وبالطبع بسبب انها مادة متوفرة وكانت تستخدم من قبل الناس للكتاب عليها فبكل تأكيد تم استخدمها من قبل المسيحيين الأوائل لكي يكتبوا عليها نصوص العهد الجديد ( "إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَق وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَمًا لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلًا." (2 يو 1: 12) وحين نرجع لدائرة المعارف الكتابية نجدها تقول ( ومما تجدر ملاحظته أن الكلمة المترجمة "ورق" في (2 يوحنا 1: 12) تُشير إلى ورق من البردي)

 

كم عدد هذه البرديات وما هو محتواها

 

ولكن نحن ليس لدينا البرديات الاصلية كما ذكرت مسبقا ولكن ما هو عدد البرديات ؟

 

عدد البرديات التي لدينا اعتبارًا بالإحصائيات في يناير 2006 كانت 118 بردية من المحتمل أن أقدم جزء هو من النصف الأول من القرن الثاني (100-150)، ويعرف بالبردية 52 أو P52. في السنوات الأخيرة، تم اكتشاف مجموعة من عدة برديات في جامعة أكسفورد، مما رفع العدد إلى عشرة أو خمسة عشر بردية تعود إلى القرن الثاني. اثنان من هذه البرديات كبيرة الحجم. بدءًا من القرن الثالث، هناك تدفق مستمر من الشهادات على نص العهد الجديد [4]

 



رسم توضيحي 2البردية 75، من مجموعة بودمر (PB XIV، XV) ويعود تاريخه إلى أوائل القرن الثاني؛ الجزء المصور هنا هو من بداية إنجيل يوحنا. [مؤسسة Martin Bodmer Bibliotheque at Musée]

 

بعد ان تعرفنا على عدد البرديات يجب ان ننظر أيضا على محتوى هذه البرديات وهل هي مفيدة في موثوقية نص العهد الجديد ام لا وبالطبع لن اتناول كل 118 بردية ولكن فقط سوف اذكر عدد محدد منها [5]

 

P45، من النصف الأول من القرن الثالث، تحتوي على ثلاثين ورقة (أي 14%) من المخطوط الأصلي الذي ربما كان تحتوي على حوالي 220 ورقة، وكان يضم جميع الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل. ما تم الحفاظ عليه هو واحد وستون آية من إنجيل متى؛ حوالي ستة فصول من إنجيل مرقس؛ أكثر من خمسة فصول من إنجيل لوقا؛ معظم الأصحاحات 10 و 11 من إنجيل يوحنا؛ وثلاثة عشر فصلاً من أعمال الرسل

 

P46، تعود إلى حوالي عام 200، تحتوي على ست وثمانين ورقة (أي 84%) من أصل 104 ورقات. كانت تتضمن عشرة رسائل بولس (لكن ربما ليس الرسائل الرعوية). على الرغم من أن لا شيء من رسالة تسالونيكي الثانية قد تم الحفاظ عليه، إلا أن المخطوطة تحتوي على حوالي ثمانية فصول من رسالة رومية؛ تقريبًا جميع فصول رسالتي كورنثوس الأولى والثانية؛ جميع رسالة غلاطية؛ جميع رسالة أفسس؛ جميع رسالة فيليبي؛ جميع رسالة كولوسي؛ فصلين من الخمسة فصول في رسالة تسالونيكي الأولى؛ وجميع رسالة العبرانيين. ومع ذلك، فإن الرسائل ليست مرتبة بالطريقة المعتادة حسب الترتيب الكنسي.

 

P47، التي تعود إلى منتصف أو أواخر القرن الثالث، تحتوي على عشر ورقات (أي 31%) من الأصل الذي يقدر أن عدد ورقاته كان ثلاثين ورقة. كانت تحتوي على سفر الرؤيا، وقد نجا منها ثمانية فصول من المنتصف

 

P66، الذي تعود إلى حوالي عام 200، تحتوي على 104 صفحات من نص إنجيل يوحنا، تم إضافة إليها لاحقًا أجزاء من ست وأربعين صفحة أخرى. تم الحفاظ على جميع فصول إنجيل يوحنا الأولى حتى حوالي خمسة وعشرين آية من أول أربعة عشر ونصف الفصل، بالإضافة إلى أجزاء من الأجزاء المتبقية.

 

P72، وهو مخطوط صغير من القرن الثالث ويعد أقدم نسخة معروفة من رسالتي بطرس الأولى والثانية ورسالة يهوذا، يحتوي على النص الكامل لهذه الرسائل الثلاث، بالإضافة إلى نصف دزينة من الكتابات المسيحية الأخرى.

 

P75، التي تعود إلى أوائل القرن الثالث وربما أقدم تحتوي على 102 صفحة (أي 71%) من أصل 144، وتحتفظ بأجزاء من لوقا 3 و4 و5، وجميع الفصول من 6 إلى 17، ونصف الفصل 18، ومعظم الفصول 22 و23 و24. كما تحتوي على معظم الأصحاحات 1 إلى 12 من إنجيل يوحنا، وأجزاء من الأصحاحات 13 و14 و15. هذه هي أقدم نسخة معروفة من إنجيل لوقا. كما هو معروف الآن، يتميز نص P75 بتطابقه الاستثنائي مع نص المخطوط الفاتيكاني [6]

 

هل نثق في طريقة نقل هذه البرديات ؟

 

بعد ان تعرفنا على هذه البرديات يجب ان نطرح سؤالاً هاماً هل نستطيع الوثوق في النقل المبكر لهذه البرديات ؟

 

اول هام من المثير للاهتمام ان هذه البرديات المبكرة كانت تنسخ في مصر أي انها تنتمي لطريقة النسخ التي كانت معروفة في الإسكندرية في هذا الوقت وقد شهد علماء النقد النصي بدقة هذا النص وهذه المدرسة في النسخ

 

في مدينة الإسكندرية ، كان هناك عقل واعي.. والرقابة الواعية تمارس في نسخ كتب العهد الجديد. فالإسكندرية معروفة على نطاق واسع في جميع أنحاء الكلمة القديمة كمركز رئيسي للتعلم والثقافة ، كان لها تاريخ طويل من الدراسة الكلاسيكية ، المرتبطة بشكل أساسي بالمتحف والمكتبة الشهيرة ولكنها مؤثرة على أجزاء أكبر من سكانها. ، ليجدوا أن الشهود النصيين المرتبطين بالإسكندرية يحظون بمساواة عالية في نقل النصوص [7]

 

ويشهد بهذا أيضا بارت ايرمان وبروس متزجر : فالإجماع العام لعلماء النقد النصى للعهد الجديد، أن النص السكندرى هو نص حازم يقدم أفضل صورة ممكنة للنص الأصلى بإخلاص و نزاهة. هذا الحزم يسميه ميتزجر و ايرمان بـ “التحكم الواعى ذو الضمير الحى [8]

 

فمن خلال معرفتنا بمدرسة الإسكندرية ككل نستطيع ان نثق ان نساخها كانوا على حذر في نسخ المخطوطات فيها وهذا أيضا ينطبق على برديات العهد الجديد وأيضا يوجد شيء اخر هام وهو ان المسيحيين الأوائل في الإسكندرية كان منهم من يهود الشتات الذين كانوا بالفعل موجودين في الإسكندرية وعاشوا فيها لقرون طويلة وظلوا موجودين في مصر الي سنة 1956 قبل طردهم منها

 

 

تعود تاريخ اليهود في الإسكندرية إلى تأسيس المدينة بواسطة الإسكندر الأكبر في عام 332 قبل الميلاد، حيث كانوا موجودين منذ البداية . يبدو أنه من البداية كانت أعدادهم كبيرة؛ على الأقل كانوا يشكلون جزءًا كبيرًا من السكان تحت حكم خلفاء الإسكندر. خصص لهم القسم الأول من البطالمة منطقة خاصة بهم في المدينة، بحيث لا يتم عرقلة التزامهم بقوانينهم بسبب التواصل المستمر مع السكان الوثنيين [9]

 

والمعروف عن اليهود اثناء نقلهم للنصوص كانوا يهتمواً جداً بنقل كل حرف رغم حدوث القليل من الأخطاء نسخية وهذا نجده عملياً في نقل العهد القديم

 

إن تاريخ نقل نص العهد القديم طويل وشامل تم الآن تتبع السمات المهمة لهذا التاريخ من وقت الكتابة الأولى للكتب الفردية حتى الإصدارات النقدية المتاحة أو التي أصبحت متاحة في الوقت الحاضر. عندما يتم النظر في مقدار الوقت الهائل الذي يفصل بين إصداراتنا الحديثة والمخطوطات الاصلية ، خاصة في ضوء الحاجة إلى النسخ اليدوي لمعظم ذلك الوقت ، فمن المدهش أن يكون لدينا أي عهد قديم. والأكثر إثارة للدهشة هو أننا نمتلك وصولاً إلى نسخة صادقة عمومًا من العهد القديم والتي تشبه إلى حد كبير والمخطوطات الاصلية  المكتوبة منذ سنوات عديدة. من الواضح أن هناك أماكن في العهد القديم قد يكون النص فيها موضع شك ، وفي بعض الأماكن ستكون شهادة النسخ القديمة ضرورية لاستعادة النص. ولكن بشكل عام ، فإن النص العبري الذي نقلناه بأمانة (وإن لم يكن بشكل كامل) على مر السنين[10]

 

وهذا نستطيع ان نعطي عليه مثال واضح وهي مخطوطات قمران فنحن لدينا درج اشعياء كاملاَ ونستطيع مقارنته مع النص الحالي ونجد مدى الأمانة في النقل مع وجود بعض من الأخطاء النسخية التي تحدث طبيعياً اثناء نقل أي نص على مدار 1000 عام [11]

 

رسم توضيحي 3صورة © متحف إسرائيل، اورشليم، بواسطة ديفيد هاريس.


بالإضافة الي ان اباء الكنيسة كانوا حريصين على نقل هذه النصوص بأفضل شكل ممكن

 

تستمر تطبيقات مبدأ التثنية 4 :[12]2 في نقل النصوص المسيحية في كتابات إيريناوس، الذي يشتكي من الناسخين الذين غيروا الرقم 666 في سفر الرؤيا 18:13 إلى 616. بعد أن ذكر أن الرقم 666 موجود في "جميع النسخ القديمة والمعتمدة"، يذكّر القارئ قائلاً: "لن يُفرض عقاب خفيف على من يضيف أو يخصم شيئًا من الكتاب المقدس". هذا الاستخدام الشديد للغة يلفت الانتباه بشكل خاص بالنظر إلى أن التغيير في سفر الرؤيا 18:13 يعتبر تغييرًا بسيطًا نسبيًا. وفي مكان آخر، يعبر إيريناوس عن نفس الموقف الحذر تجاه نسخ الكتاب المقدس المسيحي، حيث يزعم أن عقيدة الكنيسة "محمية ومحفوظة بدون تزوير للكتب المقدسة... دون إضافة أو تقليص [13]

 

الخاتمة

 

في هذا المقال عرضت بشكل مختصر أهمية البرديات المبكرة في استعادة نص العهد الجديد وانها منسوخة بدقة مقبولة

 

 



[3] The Text of the New Testament: Its Transmission, Corruption, and Restoration ( by Bruce M. Metzge , BART D. EHRMAN ) PP. 4 - 5

[4] Reinventing Jesus: How Contemporary Skeptics Miss the Real Jesus and Mislead Popular Culture © 2006 by J. Ed Komoszewski, M. James Sawyer, and Daniel B. Wallace

[5]  تجدون دراسة مفصلة عنها في كتاب قمت بترجمته تستطيعون تحميله من هنا ( https://t.me/epshoi12/152   )

[6] Perspectives on New Testament Textual Criticism Collected Essays, 1962–2004 ( By Eldon Jay Epp ) PP. 323 . 324

[7] Studies, v. 5; Cambridge, 18991) must be modified in the light of further re.search by R. J. Swanson ("The Gospel Text of Clement of Alexandria" [Diss., New Haven, 1956]), who found that in the Stromateis Clement's quotations of Matthew and John are twice as often from the Egyptian (Alexandrian) text as from the Western text. See further Michael Mees, Die Zitate aus dem Neuen Testament hei Clemens von Alexandrien (Rome, 1970).

 

[8] THE TEXT OF THE NEW TESTAMENT Its Transmission, Corruption, and Restoration FOURTH EDITION BRUCE M. METZGER Princeton Theological Seminary BART D. EHRMAN ,PP. 277-278

 

[9] Jewish Encyclopedia , V:1 P:361

 

[10] Brotzman, E. R. (1994). Old Testament textual criticism : A practical introduction (61). Grand Rapids, Mich.: Baker Books

[12] "لاَ تَزِيدُوا عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْهُ، لِكَيْ تَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا." (تث 4: 2).

[13] The Early Text of the New Testament Edited ( by CHARLESE.HILLANDMICHAELJ.KRUGER Oxford University Press 2012 ) P,76