المستور في الاحتلال العربي لمصر


 


سلام المسيح معك عزيزي القارئ في هذا المقال الذي نتحدث فيه عن مساوئ الغزو العربي لمصر كنت قد كتبت مسبقا في مقال عن حقيقة الإرهاب الاظلامي[1] وفي هذا المقال سوف نكتب عن بعض ما حدث من احداث شنيعة تلت حدوث هذا الغزو الذي لم يمحي فقط الثقافة المصرية الاصيلة بل أيضا بدل لغتها وحتى لا تطيل المقدمة لندخل في مقالنا

 

الموضوع

 

في البداية يجب ان نعرف ان سبب الغزو الإسلامي لمصر كان لنهب ثرواتها وهذا ما يذكره لنا المؤرخ المسلم الديانة تقي الدين المقريزي

 

فيقول : لما قـدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجابية، قام إليه عمرو ابن العاص، فخلا به ، فقال : يا أمير المؤمنين ائذن لي أن أسير إلى مصر. وحرضه عليها وقال : إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعـون لهم، وهي أكثر الأرض أموالاً، وأعجز عن القتال والحرب [2]

 

فنجد هنا الهدف الأساسي الذي قاله عمرو بن العاص هو ( كانت قوة للمسلمين وعـون لهم، وهي أكثر الأرض أموالاً ) فكان الهدف الرئيسي هو القوة والمال أي ان هذا الغزو كان نابع عن جشع في السلطة والمال

 

وحدث الغزو الإسلامي لمصر وبدأ تنفيذ المخطط المراد وهو اخذ السلطة والمال من ارض مصر لدرجة انهم اخذوا الجزية على الأموات وجعل القبط في منزلة العبيد

 

يقول المؤرخ المسلم الديانة إبن عبد الحكم : كتب حيان الى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم فسأل عمر عراك بن مالك فقال عراك : ما سمعت لهم بعهد ولا عقد وانما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد . فكتب عمر الى حيان بن سريج أن يجعل جزية موتى القبط على احيائهم [3]

فكما نرى ان الغزو الإسلامي نهب أموال القبط وليس هذا فقط بل قام بتحويل قبط مصر الي عبيد وهناك ما هو اسوء سوف نراه في هذا المقال

 

يقول يوحنا النقيوسي وكان من المعاصرين للغزو العربي : ولم يكتف عمرو بهذا، بل أنه قبض على القضاه الرومان، وقيد أيديهم وأرجلهم بالسلاسل والأوتاد الخشبية، ونهب أموالاً كثيرة، وقام بمضاعفة الضرائب على الفلاحين، وأجبرهم على إحضار، عليقة لخيوله، وبالإجمال مارس كل أعمال العنف. أما الروم، فقام الضباط المساعدين للحاكم في نيقيوس بالذهاب إلى الاسكندرية بعدما تركوا دومنتيانوس في نيقيوس مع عدد قليل من القوات لحراسة المدينة [4]

 

فنجد ما قاله احد المعاصرين للغزو يقول ( نهب أموالاً كثيرة، وقام بمضاعفة الضرائب على الفلاحين )

 

ولم يتوقف هذا الي هنا بل أيضا بعد عمرو اكملوا في السرقة والنهب

 

يقول الاديب احمد نجيب : قال القبط لهم تخلوا عن الكنز يامعشر المسلمين لانه وجد في أرض مقابر أجدادنا وليس لكم فيها حق ألبتة فاذهبوا لمقابر أجدادكم بأرض الحجاز فانبشوها كيف شئتم وخذوا منها ماتركه لكم أجدادكم [5]

 

فنجد ان الهدف الأساسي من هذا الغزو هو المال ونهب الثروات وليس كما يقال ان هناك رسالة نجده أرسلها قبط مصر لعمر باكين له قائلين انقذنا من الرومان

 

يقول الفريد بلتر : من الخطأ الادعاء أن الأقباط كانوا يستطيعون في ذلك الوقت أن يجتمعوا أو يقاتلوا أو يفاوضـوا الـعـرب .لم يستقبل الأقباط العرب كمحررين لبلادهم فلقد كان الأقباط يجهلـون كـل شـيء عن نواياهم وهل سيرغمهم العرب على اعتناق دين جديد هو الإسـلام ؟ ونحـن قد رأينا كيف أن الأقباط وقفوا أمام الإمبراطور البيزنطي والدولة وأبـوا أن يقبلوا مجرد عقيدة جديدة في نطاق المسيحية فهل يعقل أنهم رحبوا بأمه جديدة تدين بدين جديد لو أحسوا أنهم سيرغموا على اعتناق الإسلام وما يتبع ذلك من متاعب ومظالم [6]

 

فلم يطلب القبط منهم أي شيء بل هم الذين جاؤا لكي ينهبوا ثروات القبط ويزدادوا سلطة ليس اكثر

 

ننتقل الان ونرى ما حدث للقبط في فترة هذا الغزو

 

حدثت العديد من ثورات للقبط احتجاج على هذا الاحتلال الذي اعتمد على استنزاف الاقباط واموالهم

 

يقول المؤرخ المعروف ساويرس بن المقفع : وحين بدأ المصريون الاقباط يثورون ضد سلطة العرب بسبب مطالبها المالية المجحفة، وجدوا في المصريين المسلمين الذين زاد عددهم في مصر وأصبحوا يملكون أراضي خراجية، شريكا لهم في تلك الثورات. ولذلك نرى سائر مؤرخي مصر المسلمين يشتركون مع ساويرس في ذكر تلك الثورات بل يفصلون الكلام أحيانا فيما لا يفصل فيه مؤرخ البطاركة. وقد تعددت ثورات المصريين وشملت الوجهين البحرى والقبلي. وكان أعنف هذه الثورات تلك التي كان يقوم بها أهل البشـمـور أو البشرود، وهي المنطقة الرملية الساحلية بين فرعى دمياط ورشيد وفي تنيس ومنطقة الحوف الشرقي. ولقد ظل المصريون الأقباط يقومون بالثورة بعد الأخرى طوال القرن الثامن الميلادي، وكانت حكومات العرب والعباسيين تقابل تلك الثورات بالقسوة والعنف [7]

 

 فنجد بسبب هذا الاحتلال الذي كان يستنزف ثروات القبط كما ذكر ( الاقباط يثورون ضد سلطة العرب بسبب مطالبها المالية المجحفة ) لم يعطي العرب للاقباط حقوقهم بل ردوا عليهم بالعنف والقساوة ( تقابل تلك الثورات بالقسوة والعنف )

 

ويؤكد الاقتباس انه أيضا المؤرخين المسلمين يؤكدوا على حدوث تلك الثورات

على سبيل ما ذكره المؤرخ المسلم تقي الدين المقريزي من نهب الكنائس وثورات الاقباط

 

فيقول المقريزي : فرفع المسلمون قصة قرئت في دار العدل في يوم الاثنين رابـع عشر شهر رجب تتضمن أن النصارى قد استجدوا عمارات في كنائسهم ووسعوها، هذا وقد اجتمع بالقلعة عالم عظيم واستغاثوا بالسـلطان مـن النصاری ونهبوا حواصل ما خربوه من ذلك، وكانـت كثيـرة، وأخـذوا أخشابها ورخامها، وهجموا كنائس مصر والقاهرة، ولـم يبـق إلا أن يخربوا كنيسة البندقانيين بالقاهرة، فركب الوالي ومنعهم منها واشـتدت العامة وعجز الحكام عن كفهم [8]

 

وغيرها من الاحداث التي يؤكدها المقريزي في كتابه من هدم ونهب الكنائس وثورة القبط ضد ذلك وهذه الثورة التي تم الرد عليها ليس بالحق بال بالظلم والقهر كما ذكرنا مسبقا

 

في خلافة المأمون 813 م  نجد الاتي : و بعـد مـوت هـارون الرشـيـد وقع خلاف بين ابنيه وقام كل منها يطالب بالخلافة فانتهز مسلمو الاندلس هذه الفرصة وهجموا على مصر . وكثيرون من الأقباط الذين اخناهم الذل ساعدوا الاندلسيين على أخذ الاسكندرية ولكن مسلمى الاسكندرية قاوموا الاندلسيين واشتبكت الحرب بين الفريقين مدة أطلق فيها البغاة أيديهم لسلب ونهب الاقباط فهجموا على البيوت والمنازل فنهبوا ثم دمروا الكنائس ومنها كنيسة المخلص واغتصبوا ما فيها من الامتعة وسلبوا الاواني المقدسة وأثموا بـالمـقـادس . وغارت قـبـائـل الـعـرب على وادى النطرون فأخر بوا أديرته ونهبوها وفتكوا برهبانها وطردوهم فلم يبق منهم الا القليل . وآلت ولاية مصر بعد ذلك لرجل اسمه عبد الله بن طاهر فأباح لجنوده نهب الأديرة واحراق الكنائس والتمثيل بعابديها [9]

 

ويؤكد المقريزي على العنصرية التي تعرض لها قبط مصر : إلزام الذميين بالقيود في الملابس ، وطردهم من وظائفهم في دواوين السلطان ودواوين الأمراء وإغلاق الكنائس [10]

 

ويقول المقريزي مرة أخرى : ورد في يوم الجمعة ، سادس عشرة الخبر من مدينة قوص، بأن الناس عندما فرغوا من صلاة الجمعة في اليوم التاسع من شهر الآخر ، ربیع قام رجل من الفقراء وقال : يا فقراء ، اخرجوا إلى هدم الكنائس . وخرج في جمع من الناس ، فوجدوا الهدم قد وقع في الكنائس ، فهدمت ستُ كنائس كانت بقوص وما حولها ، في ساعة واحدة . وتواتر الخبر من الوجه القبلى ، والوجه البحري بكثرة ما هدم في هذا اليوم ، وقت صلاة الجمعة وما بعدها ، من الكنائس والأديرة في جميع إقليم كله ، ما بين قوص والإسكندرية ، ودمياط [11]

 

ولم يتوقف الامر على هدم الكنائس او التحقير والاذلال الخ.. بال وصل أيضا الي ارق الدماء

 

يقول كريستيان سي ساهنر Christian C. Sahner أستاذ التاريخ الإسلامي : قام المسؤولون المسلمون بإعدام المسيحيين ، وما هي الوظائف الاجتماعية لعقوبة الإعدام ، وهل كان العنف بمثابة اضطهاد واسع النطاق للمسيحيين من قبل الدولة الإسلامية؟ إراقة الدماء هي سمة لا مفر منها لسير القداسة المسيحية في أواخر فترات العصور الوسطى وأوائل العصور الوسطى ، ولم تكن حياة الشهداء الجدد استثناءً. وبحسب ما ورد تعرض أحد القديسين للضرب المبرح حتى تعفن جلده وامتلأ بالديدان. تم تقطيع أوصال الآخرين[12]

 

فالحقيقة التاريخ ملئ بمثل هذه الأمور فلم يكن الاحتلال العربي ملئ بالورود على غير المسلمين وهذا ما نجده حتى يومينا هذا , نعم الذي ذكر في هذا المقال شيء ضئيل بالمقارنة مع ما هو موجود في التاريخ والكتب ولكن الهدف من هذا المقال هو القاء الضوء على حقائق هامة حدثة في التاريخ ويحاول الكثير ان يخفيها

 

واكتفي بهذا القدر

 

وللرب المجد الدائم امين



 

[1] تسطيع قراته من هنا : https://2u.pw/0Qtig

 

[2] المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والاثار – تقي الدين المقريزي – الجزء الأول – مكتبة مدبولي 1997 – ص 795

 

[3]  فتوح مصر واخبارها - إبن عبد الحكم – تحقيق محمد صبيح – ص 67

 

[4] تاريخ العالم القديم – يوحنا النقيوسي – القمص بيشوي عبد المسيح – الفصل الثالث عشر بعد المئة , ص 206

 

[5] الأثر الجليل لقدماء وادي النيل -  احمد نجيب 1991 - الطبعة الاولى - ص 76

 

[6] وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها - الراهب القمص أنطونيوس الأنطوني – ص 63

 

[7] تاريخ مصر من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع – الجزء الثاني – عبد العزيز جمال الدين – ص 11 – 12

 

[8] ثورة المسيحيين ضد الحكم العربي – تقي الدين المقريزي – جمال محمد أبو زيد 2009  – ص 62

 

[9] تاريخ الكنيسة القبطية – القس منسى يوحنا – ص 364

 

[10] السلوك – تقي الدين المقريزي – الجزء الثاني – قسم 1 – 222 - 227

 

[11] تاريخ الاقباط – تقي الدين المقريزي – عبد المجيد دياب – دار الفضيلة – ص 201

 

[12] Christian Martyrs under Islam Religious Violence and the Making of the MusliM WoRld Christian C. Sahner  © 2018 ) P . 160


القديس كيرلس الكبير ونص خضوع الابن للاب ( وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ، فَحِينَئِذٍ الابْنُ نَفْسُهُ أَيْضًا سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ، كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ." (1 كو 15: 28)

 




سلام ملك السلام عزيزي واهلا بك في مقال جديد وهذا مقال هو تفريغ لشرح القديس كيرلس  الكبير لنص خضوع الابن الذي يستخدمه الهراطقة لتشكيك في مساواة الابن بالاب في الجوهر الإلهي يقدم القديس كيرلس شرح و رد على المهاجمين المعترضين على لاهوت الابن وكذلك ازلية الابن بشرح للنص بأسلوب سليم وحتى لا تطيل المقدمة لندخل في الرد مباشرة

 

الرد

 

إن محاربي المسيح لا يدركون أنهم بهذه الأقوال يحاربون أيضاً تجديفهم. فلو قبلت فعلاً؟ أن يكون الابن أدنى من الآب، فلماذا تستعجل في تدعيم هذا الرأي قبل أن يخضع لأن بولس يقول: "حينئذ سيخضع"، فهو إذن يحدد الزمن الذي يحدث فيه هذا الأمر، أي في المستقبل، وبالتالي لا يظهر أنه خاضع الآن بالفعل. ثم كيف تظنونه ليس تجديفاً ما تقولونه من أن الابن لا يخضع الآن للآب، وإنه بطريقة ما يقف ضد ذاك الذي ولده؟ لأن من لا يخضع، إنما يفعل مشيئته هو. فإذا كان الأمر على هذا النحو، فما رأيكم فيما قاله المسيح: "لأني قد نزلت من السماء، ليس لأعمل مشيئتي، بل مشيئة الذي أرسلني" (يو 6: ٣٨)؟ ليتهم يقولون لنا – إذا كانوا قادرين على إدراك الكتب المقدسة – ما إذا كان تتميم مشيئة الآب لا يعني الخضوع؟ إذن. كيف يقال عمن يخضع الآن، إنه سوف يخضع حينذاك؟ ليتهم يسمعون إذن – عن حق "تضلون إذ لا تعرفون الكتب" (مت ۲۲: ۲۹) [1]

 

إذا كنتم تقبلون أن يكون الابن مخلوقاً ومصنوعاً، وبالتالي يخضع لهذه الأمور التي صارت، اخبرني إذن يا صاحب - وفق عدم تبصرك – إذا كان يمتلك جوهر العبد، فكيف لا يخضع الآن إلى آب الجميع، إذا كان المرنم يقول عن المخلوقات: "الكل عبيدك" (مز ۱۱۹: ۱۹)؟ نحن أمام أحد خيارين: إما أن نقول إن الآب لا يستطيع أن يخضع الابن له، دون أن يريد الابن ذلك، الأمر الذي يعني أن يكون الابن أسمى من الآب في حين أنه وفقاً لرأيكم هو الأدنى. وإما أن نقول إن الخضوع شيء حسن، لكن الابن لا يخضع الآن، طالما يقال عنه إنه سوف يخضع في المستقبل، وهو ما يمكنكم معه أن تحسبوه عليه خطية. فإذا كان ما قيل عنه من أبيه حقيقياً بأنه هو: "الذي لم يفعل خطية" (راجع 1 بط ۲: ٢٢، أش ٥٣: 9)، فليكن إذن هذا الحديث بعيداً عن أي سخف وعبث [2]

 

وكيف لا يكون واضحاً للجميع (وأنا هنا استخدم نفس كلامكم) أن المساوي يخضع في مرات كثيرة - من أجل التدبير - للمساوي له؟ ألا تصدقون أن الأنبياء روح واحدة؟ فكيف يقول بولس إن: "أرواح الأنبياء خاضعة للأنبياء" (1 کو 14: ۳۲)، بالرغم من أن لديهم نفس الجوهر ويشتركون في نفس الطبيعة؟ فلا الذين يخضعون، لهم طبيعة أدني، ولا أولئك الذين يخضع لهم لديهم طبيعة أسمى، أو أكبر). لأنه بالرغم من وحدة الجوهر التي تجمع كل البشر، إلا أن خضوعهم لبعضهم البعض ينتج آلافاً من الأمور الحسنه. وطالما أن هذا الأمر الحسن قد عين أيضاً لنا، وبطريقة ما، لا يخرجنا خارجاً عن حدود الطبيعة، فلماذا لا تتجنبوا هذا التجديف السخيف محافظين على مساواة الكلمة بالله (الآب)؟ [3]

 

الآب يفعل كل شيء بواسطة الابن، وهذا شكل من أشكال الخضوع، أي أنه يظهره على أنه يخضع لمشيئة الآب. فعندما قال الآب: "نعمل الإنسان" (تك 1: ٢٦)، أخذ الكلمة من الأرض طيناً وصنع هذا الذي تقرر. لأنه يقول: "كل شيء به كان" (يو 3:1). وحسناً يعلمنا بولس الرسول بأنه في الأزمنة الآتية سوف يصنع الله كل أيضاً بواسطة الابن، إذ يقول بكل حكمة: "ومتى أخضع له الكل، فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل، كي يكون الله الكل في الكل" (1كو ١٥: ٢٨). أي كأنه يقول: لا يظنن أحد أننا سنكون نحن شركاء الآب في الحياة الآتية بطريقة مختلفة، لكن أيضاً بواسطة الابن. وتعبير "بواسطة الابن"، يعني الخضوع، دون أن يقلل ذلك أبداً مما يخص جوهر الابن، بل يعلن مقدماً بطريقة فائقة للعقل ولا نظير لها، وحدة الثالوث القدوس. لأنه لن يتمرد وقتذاك على ذاته، ولن يسبب بتغييرات فوضوية - إزعاجاً لهذا الذي هو غير متغير، بل في ذاك الوقت أيضاً، سيكون الآب بواسطة الابن الكل في الكل، حياة وعدم موت وفرحاً وقداسة وقوة، وكل ما أعطي كوعد للقديسين [4]

 

والذي هو خاضع الآن للآب، كيف يقال عنه إنه سوف يخضع بعد أزمنة، أو بالحري في الدهر الآتي؟ ألا يخضع الآن متمماً مشيئة الآب، مخلياً ذاتهكما هو مكتوب (أنظر فيلبي ٢: ٧) آخذاً شكل وهيئة عبد؛ لكي وهيئة عبد؛ لكي يتمم عمله، كما يقول هو ذاته (أنظر يو 17: 4)؟ أعتقد أن هذا واضح وضوحاً كاملاً للجميع، ويظهر حقاً بفحص الأمور. إذن كيف يقول لنا بولس العظيم إن الذي هو بالفعل خاضع الآن، سوف يخضع في المستقبل؟ ليتنا نفحص الشاهد بدقة: "ومتى أخضع له الكل، فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل، كي يكون الله الكل في الكل" (1 کو 15: ۲۸). فماذا يريد أن يقول؟ المسيح أيضاً الآن خاضع للآب، لكن ليس في الكل، لكن فقط في هؤلاء الذين يؤمنون به (أنظر کو ١: ٢٢)، ولأجل هؤلاء قدم ذاته ذبيحة للآب كحمل بلا عيب، محتقراً الصليب والعار هكذا، ولأنه حررهم من كل خطية، قادهم أطهاراً وبلا دنس إلى الخالق. حسنا. عندما أبعد كل ضلال، وعرف ساكني المسكونة الإله الحقيقي، واعترفوا بالمسيح ملكاً وربا، خاضعين لوصاياه المخلصة، عندئذ، يكون الكل قد خضعوا، وسيخضع أيضاً هو لأجلنا، إلها ورباً ورئيس كهنة للكل، ومعطياً بواسطة ذاته للكل إمكانية أن يصيروا شركاء الآب الذي هو فيه. لأنه هكذا يصير الله الكل في الكل، بأن يكون في الكل بواسطة الابن كوسيط، ساكناً في كل واحد من أولئك الذين قد دعوا لكي يخلصهم [5]

 

لم يقل إن الابن سيخضع للآب، لكي يصير أدنى منه، بل لكي يصير الله الكل في الكل. هل  رأيت أنه يقدم الكلمة كوسيط بين الآب وبيننا؟ لأنه حينئذ سوف يكون أيضاً مع مانحاً ذاته لكل واحد حسب قياس النعمة، لكي نصير بواسطته شركاء الآب. طريقة الخضوع، بمعني أنه يخدم البركة التي يعطيها الآب ناقلا إياها بطريقة طبيعية بذاته لأولئك الذين قد دعوا للحياة الأبدية. هذا بالتأكيد لا يضع الابن خارج مكانته الطبيعة بتنازله لنا، لكنه حقاً يكون موجوداً على ما هو عليه، وسوف يخدم أيضاً حينذاك الآب مانحاً إيانا معرفة الله، بقدر ما نستطيع أن نتعلمه، ثم بعد ذلك يجب أن نفكر بكل هذا وبالآتي: عندما أخضعنا الآب للابن، لم يجعلنا شيئاً آخر من جهة الجوهر، ولا صرنا من جهة طبيعتنا مختلفين عن هذا الذي نحن عليه من البداية، بسبب الخضوع، لكنه جعل الخضوع يتم عن طريق تغيير الرأي وطرق المعرفة، هكذا الابن أيضاً، فبدون أن يخرج خارجاً عن حدود طبيعته (لأن الله لا يعرف التغير)، يعرف التغير)، خضع للآب، لكن وقتذاك سوف تكون هناك طريقة ما تظهر الابن بشكل عملي خاضعاً فقط بإرادته. ولكن خضوعه - على أية حال – لن يصير بتغيير في جوهره [6]

 

إن كان الابن قد صار أدنى من الآب، وأصبح مختلفاً عنه من جهة الطبيعة، وحدث أن خضع له في الوقت الذي حدده، طبقاً لما قاله بولس، دون أن يكون الآن، ألا يكون الابن مساوياً له الآن؟ وكيف لهذا الذي هو الآن مساو لذاك الذي ولده بحسب الطبيعة، يصير وقتذاك أدنى منه؟ لأنه إما أن يحدث فيه تغير ما ونقصان، عندئذ تسقط الإلوهية من الآن فصاعداً، ولأن هذا الكلام محض تحديف وهذيان، فإننا نقول: دعهم يشرحون لنا كيف يحدث هذا النقص. ولأن الابن لا يقل أبداً عن الآب من جهة الجوهر، فلا يمكن أن يقلل من ذلك خضوع الابن له [7]

 

 

هنا يكون انتهى كلام القديس كيرلس ولكن اريد ان اضيف شيء صغير

 

قال القديس كيرلس ( إن: "أرواح الأنبياء خاضعة للأنبياء" (1 کو 14: ۳۲)، بالرغم من أن لديهم نفس الجوهر ويشتركون في نفس الطبيعة؟ فلا الذين يخضعون، لهم طبيعة أدني، ولا أولئك الذين يخضع لهم لديهم طبيعة أسمى، أو أكبر). لأنه بالرغم من وحدة الجوهر التي تجمع كل البشر، إلا أن خضوعهم لبعضهم البعض ينتج آلافاً من الأمور الحسنه )

 

اذ قولنا ان الابن خضع للاب فهذه لا تشكل مشكلة لانه حسب نص انجيل يوحنا 1 والعدد 18 ان الابن من نفس طبيعة الاب

 

ألله لم يره أحد قط؛ ألإله، الابن الوحيد، الذي هو في حضن الآب ( يو1 : 18 الترجمة البوليسية ) و النص اليوناني استخدم ( μονογενὴς ) [8] والتي تعني المولود الوحيد [9]

 

فبتالي الابن يظل من نفس طبيعة الاب لانه مولود منه يقول القديس كيرلس أيضا : ولد منه بحسب الطبيعة، وهو في نفس الوقت أيضاً أزلي مثل الحرارة من النار، أو الرائحة من الورد [10]

 

فاذ خضع الابن لابيه لا يجعل الابن درجة اقل من طبيعة ابية البشرية لان الخضوع لا يعني بالضرورة ان يجعل الابن الذي له نفس طبيعة ابيه المولود منه اقل

 

ويؤكد القديس كيرلس أيضا ان خضوع الابن كان في تجسده لانه كما قال الكتاب اخذ الابن صورة عبد صائر في شبه الناس مع انه كان هو ذاته معادلا للاب [11] ولكن هذا التجسد لم يفصل طبيعة الابن عن الاب او يجعلها اقل منه

 

يقول القديس كيرلس أيضا : أجاب المسيح لفيلبس حين تحدث الآب؟: «ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب في» (يو ١٤: ١٠). بالتالي، يستحيل إطلاقاً أن يوجد الواحد من الاثنين بدون الآخر. بل حيث ندرك أن الآب كائن (وأيضاً بالطبع في كل مكان) هناك أيضاً لا محالة يكون الابن، وهناك حيث الابن كائن، يوجد هناك أيضاً الآب. فإن كان الابن حقاً شعاع الآب، والكلمة، وحكمة، وقوة، فكيف يمكن أن نعتقد -على الإطلاق- أن الآب بدون كلمة وقوة وحكمة؟ وكيف يمكن أيضاً أن ندرك حكمة الله وكلمته وقوته بدون الآب؟ [12]

 

في الأخير

 

الذين يهاجمون الايمان المسيحي هم فقط لا يعرفون الكتاب كما اكد القديس كيرلس الكبير باستشهاده بالنص المقدس فهم فقط بيحثوا على ما يؤكد كلامهم فقط حتى لو كان بالقص والتجديف على الله

 

واكتفي بهذا القدر

 

وللرب المجد الدائم امين



[1] الكنوز- ترجمة الدكتور جورج عوض  – المقال 29 – الفقرة 2

[2]  المصدر السابق – فقرة 3

[3] المصدر السابق – فقرة 5

[4]  المصدر السابق – فقرة 7

[5]  المصدر السابق – الفقرة 8

 

تعليق صغير من المترجم : الكلمة تجسد وصار خادماً للأقداس الحقيقية، وهذا ما أكد علية القديس كيرلس في موضع آخر، قائلاً: "لقد عين عمانوئيل حقاً كمشرع، ورئيس كهنة لأجلنا بواسطة الله الآب مقدماً ذاته ذبيحة لأجلنا (انظر عب 9: ١٤)؛ لأن الناموس، كما يقول بولس الطوباوي: "يقيم أناساً بهم ضعف رؤساء كهنة. وأما كلمة القسم التي بعد الناموس فتقيم ابناً مكملاً إلى الأبد" (عب 7: ٢٨). إذن، فقد نزل الكلمة من السماء وصار مشابهاً لنا، خادماً للأقداس والخيمة الحقيقية التي أقامها الرب، وليس أي إنسان". السجود والعبادة بالروح والحق، المرجع السابق، الجزء السادس، المقالة العاشرة ص 34

 

الهامش الثاني للفقرة 8

 

[6] المصدر السابق – فقرة 9

[7]  المصدر السابق – فقرة 10

[8] Nestle Greek New Testament 1904 Θεὸν οὐδεὶς ἑώρακεν πώποτε· μονογενὴς Θεὸς ὁ ὢν εἰς τὸν κόλπον τοῦ Πατρὸς, ἐκεῖνος ἐξηγήσατο

[9] Strong's 3439

[10] الكنوز  - الفصل  ٥ – الفقرة  ٢٥

[11] "الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ." (في 2: 6). "لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ." (في 2: 7)

 

[12] ضد الذين يتصورون ان لله هيئة بشرية - الفصل 18