القديس ديديموس الضرير وخلق الروح القدس - عاموس 4 : 13


 

سلام المسيح واهلا بك عزيزي القارئ في هذا المقال الذي سوف نعرض فيه رد احد الإباء القديسين عن موضوع خلق الروح القدس النص الموجود في سفر عاموس

 

"فَإِنَّهُ هُوَذَا الَّذِي صَنَعَ الْجِبَالَ وَخَلَقَ الرِّيحَ وَأَخْبَرَ الإِنْسَانَ مَا هُوَ فِكْرُهُ، الَّذِي يَجْعَلُ الْفَجْرَ ظَلاَمًا، وَيَمْشِي عَلَى مَشَارِفِ الأَرْضِ، يَهْوَهُ إِلهُ الْجُنُودِ اسْمُهُ." (عا 4: 13)

 

القراءة اليونانية لنص ( خَلَقَ الرِّيحَ ) κτίζων πνεῦμα تستخدم كلمة (  πνεῦμα ) بمعنى روح او ريح وكان الهجوم على ان الروح القدس مخلوق وليس من جوهر الاب والابن لذلك يرد القديس ديديموس الضريري ويوضح ان المقصود من النص هو الريح وليس الروح

 

الرد

 

وقد برهنا وفقا لمعنى جميع الأسفار، أن الروح القدس مختلف عن كل المخلوقات، وقد رأينا أنه لعبث، أو بالحري، إنه لجحود أن يحاول هؤلاء أن يظهروه بكونه مخلوقا استنادا على الشهادة القائلة؛ أن كل الأشياء صنعت بالكلمة، ويتشدقون كما لو كان الجوهر الأزلي من ضمن هذه الأشياء المصنوعة. وفي سعيهم للبرهنة على ذلك، يحاولون أن يوائموا لفكرهم القول النبوي الذي يقول فيه الله: "أنا ء هو من خلق الروح“ (عا٤: ١٣) وعلينا أن نوضح أنهم حتى في هذه قد جنحوا تماما عن فهم الحق [1]

 

إذ لم يكن موضوع قولة النبي هذه عن الروح القدس من الأساس، وهذا يفهم من مجرى الكلام وسياق الحديث، لأن عاموس يقول بلسان الله: "لذلك هكذا أصنع بك يا إسرائيل. فمن أجل أني أصنع بك هذا، فاستعد للقاء إلهك يا إسرائيل، فإنّه هوذا الذي صنع الجبال وخلق الريح وأخبر الإنسان ما هو فكره، الذي يجعل الفجر ظلاما، ويمشي على مشارف الأرض، يهوه إله الجنود اسمه‘‘ (عا4: 12، 13) [2]

 

ولتلاحظ أنه قيل بالفعل، إنّ الله يخلق الريح، وفي نفس الوقت يقول، ويرعد الهزيم ويصنع الفجر ويغشي الضباب، ولذلك فعلينا أن نضع الروح Spirit“ في نفس السياق، وعليه فيكون كلام الله هو كالآتي: "عندما دعوتني، أنا الله، راعي الكون، خالق [3] كل الأشياء، من أرعد الهزيم وخلق الريح ، وجعل حلكة الفجر وغيم الضباب لمنفعة البشرية، فهلم ادعوني يا اسرائيل، بنفس الطريقة التي عندما شرعت أن تدعوني وابتهلت إلي بأنني من أسّس كل هذه الأشياء في البدء، فلتفرح بالأوقات السارة والعطايا الممنوحة لك بسخاء، لأنني قد سقت كل الأشياء إليك العام تلو العام بحسب نظام الطبيعة، والمحصلة أن العام يتدفق مثمرا، والفصول تنبسط في الأوقات المناسبة، والرعود تهزم في الأوقات المناسبة، والفجر يندى بالنسيم العليل [4]

 

وإذا كان الهزيم والفجر والضباب وخلقة الريح Spirit تُفهم في سحابة المجاز، فعليهم أن يشرحوا لنا ما هو المعنى الرمزي لكل شيء من هذه الأشياء[5]

 

لكنهم لو ادعوا، على النقيض، أن هذه الأشياء قيلت بشكل حرفي على الروح القدس، ويستندون على ما ذكر في ما آتى بعد ذلك في قوله: "وأخبر الإنسان ما هو مسیحه فعليهم أن يجيبوا على ما يلي [6]

 

النص العبري يقول، "وأخبر الإنسان ما هو فكره ويقصد هنا أن خالق كل الأشياء هو أيضا من يوحي للأنبياء ومن خلالهم يعلن إرادته للبشر. [7]

 

ومن الضروري أن نرد على هذا الإدعاء لأن هؤلاء الهراطقة يدعون كذبا أنّ الخالق مختلف عن الله وأبو مخلصنا يسوع المسيح" وفي حين أنهم يعلنون ذلك بجحود شديد، لا يتوقعون أن الرب قد استبق ودحض تجديفهم بقوله، "أنا الذي أعطيت الهزيم قوة وخلقت الريح وصنعت وضبطت كل أجزاء الأرض الأخرى، وأعلنت للبشر مسيحي. وفي الحقيقة، فأن هذا العمل من أعمال عنايتي يبقى أعلى وأسبق من كل الأعمال الأخرى [8] ولهذا فأنا علة ليس فقط الأشياء الخارجية بل أيضا كل هذه الأشياء التي تندرج تحت ملكات النفس وقوى العقل [9]

 

ولذلك فأنا أرى أن تعبير ”خالق الروح Spirit“ لا يعني سوى القول ”خالق الريح wind“. حقا، إن الله بتدبير عنايته يحرك هذه الرياح الناشئة بسبب حركة الهواء، ويتفق مع هذه الفقرة ما أتى في مكان آخر: "المخرج الريح من خزائنه“ (مزه۱۳: ۷). والشيء الملفت هنا، أنه في النص السابق لم يقل "من خلق الريح‘‘ بل ’’خالق الريح أو من يخلق الريح. لأنه لو كان النّص يتحدث عن وجود الروح القدس، لكان قال قطعا "الذي خلق“ لأنه لا يمكن أن يظل يخلق فيه باستمرار. بل أنه قال "من يخلق لأنه كان يتكلم عن الريح، لأنّ الريح لم تُصنع مرة واحدة وفقط، بل في كل مرة تتواجد فيها ريح تأتي إلى الوجود يوميا. [10]

 

كما أنه ليس بلا معنى أن يذكر الروح spirit بدون أداة التعريف (التي تشير في اللغة اليونانية إلى التفرد). وفي هذه الحالة فإن الروح هنا هو غير الروح القدس. وغالبا ما يذكر الروح القدس معرفا بأداة التعريف (الـ) مثل قوله: "الروح نفسه αὐτὸ τὸ πνεῦμα أيضا يشهد لأزواجنا“ (رو8: 16) وفي موضع آخر: الروح هو من يحي τὸ πνεῦμά ἐστιν τὸ ζῳοποιοῦν (يو6: 63) ومرة أخرى: "هكذا أيضا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله“ (اکو2: 10، 11) وليس أيسر علي من أن اقتبس مثل هذه الفقرات من الأسفار المقدسة. أما في هذه المناسبات القليلة التي ذكر فيها الروح أداة التعريف، علينا أن ندرك أنه يضاف إليه بعض الإشارات الدالة على أشياء معينة. وقد ذكر بالفعل في بعض الأحيان بدون استخدام أداة التعريف، ذلك عندما [11] يكون التركيز لا على جوهره بل على الشركة فيه، وكمثال لذلك "روح إيليا (2مل؟: 15) وأيضا "اسلكوا بالروح“ (غل 5: 16) وفقرات أخرى على هذه الشاكلة  [12]

 

 

 

وللرب المجد الدائم امين

 



[1] كتاب الروح القدس – اللاهوتي السكندري ديديموس الضرير – ترجمه امجد رفعت – ص 59

[2]  المصدر السابق

[3]  المصدر السابق

[4]  المصدر السابق – ص 60

[5] المصدر السابق

[6] المصدر السابق

[7]  المصدر السابق

[8] المصدر السابق

[9]  المصدر السابق – ص 61

[10]  المصدر السابق

[11]  المصدر السابق

[12] المصدر السابق – ص 62


ماذا قال اليهود عن اشعياء 53

 



كلنا نعلم عزيزي القارئ ان الاصحاح الثالث والخمسون من كتاب اشعياء النبي نبوة واضحة جدا عن المسيح تكفيرا عن الخطايا على سبيل ما ذكر في النبوة

 

لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا." (إش 53: 4) وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا." (إش 53: 5)

 

فالتفسير المسيحي لها انها عن صلب المسيح بلا شك ولكن يأتي السؤال الأهم هنا كيف فسرها اليهود انفسهم ؟

 

في الواقع يحاول اليهود بشتى الطرق التشويش على نبوات المسيح في العهد القديم عن طريق أساليب تفاسير ملتوية

 

في الواقع ، في العصور الوسطى وما بعدها ، لعب إشعياء 53 دورًا رئيسيًا في كل من الدفاعيات والجدل اليهودي والمسيحي.  ركز معظم هذا النقاش على ما إذا كان الخادم هو إسرائيل أم المسيح.  لقد رأينا بالفعل أنه يمكن العثور على التفسير الذي يقول اسرائيل في أوقات سابقة جنبًا إلى جنب مع التفسير الذي يقول المسيح .  لكن في العصور الوسطى ، جعل راشي وابن عزرا وديفيد كمحي (المعروف باسمه المختصر راداك) التفسير الذي يقول اسرائيل "سريع الانتشار" في القرن الحادي عشر وماتلاه  اليوم هذا هو التفسير المعتاد داخل المجتمع اليهودي المتدين. يشير جويل رمباوم إلى هذا التحول في تركيز التفسير اليهودي[1]

 

ولكن امام تلك النبوة القوية جدا لم يستطع اليهود ان يلوا النص ويغيروا المقصد منه فهناك الكثير من اليهود فسروها على انها على المسيح المنتظر كما سوف نرى في النصوص الاتية من هذا المقال لذلك حتى لا تطيل المقدمة لنبدأ في عرض الاثبات

 

 

اول شيء ترجوم يوناثان [2] يقول الترجوم : هوذا عبدي المسيح ينجح. يكون عاليا وينمو ويكون قويا جدا: كما نظر إليه بيت إسرائيل في أيام كثيرة

 

ثانيا التلمود [3] يقول : المسيح ما اسمه ؟ يقول الحاخامات هو اسمه ، كما جاء في قوله: إن أمراضنا تحملها وآلامنا تحملها.  لكننا حسبناه مجروحًا ومضروبًا من الله ومذللاً

 

ثالثا المدراش [4] يقول : الملك المسيا: تعال الى هنا اقترب الى العرش. ويأكلون من الخبز أي خبز الملكوت. واغمس لقمتك في الخل فهذا يشير إلى التأديبات ، كما يقال: ولكنه جرح من أجل تعدينا ، مجروحًا من أجل آثامنا

 

ويقول في مكان اخر : يشير إلى المسيا بن داود ، كما هو مكتوب ، انظروا الرجل الذي اسمه الفرع ؛ حيث يفسر يوناثان ، هوذا الرجل المسيح ؛ فيقال: رجل أوجاع

 

ويقول في اقتباس قوي : أخرج القدوس روح المسيح وقال له. هل أنت على استعداد لأن تخلق وتخلص أبنائي بعد 6000 سنة؟ فقال انا. أجاب الله ، إذا كان الأمر كذلك ، فعليك أن تأخذ على نفسك التأديبات لتزيل إثمهم ، كما هو مكتوب ، حقاً أمراضنا حملها أجاب المسيح ، سوف آخذهم بفرح

 

وهنا نجد اقتباس خطير للمدراش يؤكد انه بعد 6000 سنة من الخلق أي اذا حسبنها حسب سجل انساب الكتاب المقدس يكون في يسوع المسيح الذي حمل اوجاعنا

 

رابعا أسرار الحاخام سيمون بن يوهاي [5] سوف يموت إسيا بن أفرايم ، وينوح عليه إسرائيل. وبعد ذلك سيعلن لهم القدوس المسيح ابن داود الذي سيرغب إسرائيل في رجمه قائلاً. انت تتكلم كذبا. لقد قُتل المسيح بالفعل ، وليس هناك مسيح آخر يقوم وهكذا سيحتقرونه ، كما هو مكتوب ، محتقر من الناس

 

خامسا يقول ابن عزرا [6] لكن الكثيرين قد شرحوا ذلك عن المسيح ، لأن حاخاماتنا قالوا - أنه في اليوم الذي خرب فيه الحرم ، المسيح المنتظر ولد

 

ويقول الحاخام يعقوب بن روبن [7] : ويتشفع في سبيل المذنبين. لديك في هذه الآيات ، من الرسالة الأولى إلى الرسالة الأخيرة ، دليل واضح وبراءة اختراع مثل ظهر اليوم على أن ما نؤكده بشأن مسيحنا لا جدال فيه ؛ لا داعي إذن لقول المزيد ، وشرح كيف تكشف كل آية منفصلة عن بعض الغموض في حياته ، وتعلن بوضوح جميع الأعمال الرئيسية التي قام بها ، أو كيف لم تسقط كلمة واحدة على أساس كل الشهادة التي قدمها النبي

 

في الواقع يكفي ما قدم هنا من شهادة هناك المزيد ولكننا يكفي ما كتب وتحديدا شهادة ابن عزرا الذي قال ان كثير من الحاخامات فسروها على انها تتكلم عن المسيح

 

وله المجد الدائم امين

 

 

المصدر المستخدم

 

The Fifty-third chapter of Isaiah according to the Jewish interpreters by Neubauer, AdolfDriver, S. R. (Samuel Rolles )  1877  



 

[1] Joel E. Rembaum, “The Development of a Jewish Exegetical Tradition Regarding Isaiah 53,” Harvard Theological Review, July 1982, 292.

 

[2] يعد ترجوم يوناثان أحد أهم مصادرنا لفهم كيفية قراءة اليهود للكتاب المقدس العبري وتفسيره واستخدامه في أواخر العصور القديمة وفي الأجيال اللاحقة: تم الاستشهاد به على نطاق واسع في الأدب الحاخامي والمعلقين في العصور الوسطى (راشد ، كيمحي ، إلخ) و استمر في لعب دور في ليتورجيا الكنيس والدراسة. من خلال دراسة مفصلة لمخطوطات القرون الوسطى الباقية من Targum Samuel والتي تم إنتاجها في وحول إيطاليا وفرنسا وألمانيا وإنجلترا ، يشرح هذا الكتاب كيف ولماذا تغير نص ترجوم يوناثان بمرور الوقت. يستكشف علاقة هذه المخطوطات بالترجمات القديمة للكتاب المقدس العبري (مثل السبعينية ، فولجاتا ، بيشيتا)

 

 The Transmission of Targum Jonathan in the West: A Study of Italian and Ashkenazi Manuscripts of the Targum to Samuel

 

[3] اسم عبري معناه "تعليم". يقسم هذا الكتاب إلى قسمين "المشنة" وهو الموضوع و"الجمارة" وهي التفسير. فالمشنة "التكرار" عبارة عن مجموعة من تقاليد اليهود المختلفة مع بعض الآيات من الكتاب المقدس. واليهود يزعمون بأن هذه التقاليد أعطيت لموسى حين كان على الجبل ثم تداولها هرون واليعازر ويشوع وسلموها للأنبياء، ثم انتقلت عن الأنبياء إلى أعضاء المجمع العظيم وخلفائهم حتى القرن الثاني بعد المسيح حينما جمعها الحاخام يهوذا وكتبها. ومن ثم صار هذا الشخص يعتبر عندهم جامعًا للمشنة والجمارة "التعليم" وهي مجموعة من المناظرات والتعاليم والتفاسير التي جرت في المدارس العالية بعد انتهاء المشنة. والتفاسير المسطرة مع المشنة نوعان يعرف أولهما بلتمود أورشليم وقد كتب بين القرن الثالث والخامس والذين كتبوه هم حاخمو طبرية، ويعرف الثاني بتلمود بابل وقد كتب في القرن الخامس. والتلمود يساعدنا كثيرًا فينا كثيرًا في درس تعاليم المسيح فإنه يفسر بعض الإشارات والاستعارات الموجودة فيها، مثلًا غسل الأيدي وقال المسيح للفريسيين أنهم يبطلون كلام الله بتقليدهم (مر 7: 1 - 13) ( راجع دائرة المعارف الكتابية –تلمود )

 

[4] هي سلسلة مجموعة من التعليقات القديمة على كل أجزاء التناخ بتنظيم وتقسيم مختلفين من مجموعة إلى أخرى فكل جزء من كتاب في المدراش يمكن أن يكون قصيرا جدا وبعضه يصل في القصر إلى كلمات قليلة أو جملة واحدة ويوجد بعض من اجزاء من المدراش في التلمود

 

https://www.dictionary.com/browse/midrash

 

[5] أسرار الحاخام سيمون بن يوهاي هي نهاية العالم اليهودية في منتصف القرن الثامن ، والتي تقدم تفسيرًا يهوديًا مسيانيًا

 

https://pages.charlotte.edu/john-reeves/research-projects/trajectories-in-near-eastern-apocalyptic/nistarot-secrets-of-r-shimon-b-yohai-2/

 

[6] الحاخام إبراهيم بن مئير ابن عزرا (بالعبرية: אברהם בן מאיר אבן עזרא، يعرف أيضا فقط بابن عزرا وباللغات الأوروبية يعرف بأبنيزرا - Abenezra)، عاش ما بين 1092 م و1167 م وهو واحد من أكثر علماء اليهود وأدبائهم شهرة في العصور الوسطى

 

 

[7] ان يعقوب بن روبن حاخامًا إسبانيًا ومُجادلًا من القرن الثاني عشر