حين نريد ان نتعرف على شيء نذهب له وندرسه ولو كان عاقلا نذهب له ونسأله
ولو كان كتاب نذهب ونقراءه وبما ان القران
كتاب سنذهب ونرى ما قاله القران في سطوره
يقول اله القران لرسول الإسلام عن طبيعة هذا النص الاتي : تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا
إِلَيْكَ ۖ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَٰذَا ۖ
فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ( سورة هود – 49 )
ويقول ابن كثير في
تفسيره : يقول تعالى لنبيه [ ورسوله محمد ] صلى الله عليه وسلم . هذه القصة
وأشباهها ( من أنباء الغيب ) يعني : من أخبار الغيوب السالفة نوحيها إليك على
وجهها [ وجليتها ] ، كأنك شاهدها ، ( نوحيها إليك ) أي : نعلمك بها وحيا منا إليك
، ( ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا ) أي : لم يكن عندك ولا عند أحد من
قومك علم بها ، حتى يقول من يكذبك : إنك تعلمتها منه ، بل أخبرك الله بها مطابقة
لما كان عليه الأمر الصحيح ، كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك
هنا نجد ثلاث أمور
هامة قالها ابن كثير
1.
ان هذا النص هو وحي ومن انباء الغيب ويذكر لنا معجم
المعاني في جملة انباء الغيب ( كل الأمور الغيبية التي تخفى على الإنسان ) من
المفترض ان هذه الأمور حسب هذا النص لم تكن معروفة مسبقا لرسول الإسلام لذلك هي
وحي وغيب
2.
يقول ابن كثير أيضا ( لم يكن
عندك ولا عند أحد من قومك علم بها ) أي انه لم يكن يعلم حد لا الرسول ولا
قومه بمثل هذه الأمور لأنها غيب أي ان ما جاء في نصوص القران هو غيب لم يعلم به
قوم رسول الإسلام حتى
3.
ويقول أيضا ( حتى يقول من يكذبك : إنك تعلمتها منه ) هنا نجد ابن كثير
يقول ان هناك من كان يقول لرسول الإسلام انك تنقل من شخص وهذا يذكرنا بما جاء في
سورة النحل 103 ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ
بَشَرٌ ۗ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ
عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) في تقسيم النص القرآني نجد انه أولا هناك اتهام من قوم محمد
بالاتي ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ
إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ) وهو يرد قائلا ( ۗ
لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ
مُبِينٌ ) فهو يقول لهم الذي تتكلمون عنه هو اعجمي وانا لساني عربي وهذا
الموضوع سنتناوله فيما بعد
ولكن لدينا
هنا تأكيد من القران في هذا النص ان الرسول انزل له غيب لم يعلمه قومه او حتى هو
يقول البغوي
في تفسيره للنص : ( تلك من أنباء الغيب ) أخبار الغيب ، ( نوحيها إليك ما كنت
تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا ) من قبل نزول القرآن
وهنا يؤكد
أيضا الامام البغوي ان ما في القران لم يكن معلوم مسبقا
ويقول السعدي
: قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد ما قص عليه هذه القصة المبسوطة، التي لا يعلمها إلا من منَّ عليه برسالته. { تِلْكَ
مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا
قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا } فيقولوا: إنه كان يعلمها
ويؤكد أيضا هو
نفس الفكرة انها لم تكن معلومة لقومه
ويقول القرطبي
: قوله : تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا
فاصبر إن العاقبة للمتقين قوله تعالى : تلك من أنباء الغيب أي تلك الأنباء ، وفي
موضع آخر " ذلك " أي ذلك النبأ والقصص من
أنباء ما غاب عنك . نوحيها إليك أي لتقف عليها . ما
كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا أي كانوا غير عارفين بأمر الطوفان ،
والمجوس الآن ينكرونه . " من قبل هذا " خبر أي
مجهولة عندك وعند قومك
ويؤكد أيضا ان قصة القران لم تكن معروفة مسبقا وهذه المرة يحدد قصة بقوله (
بأمر الطوفان )
يقول أيضا القران في
نص اخر في سورة يوسف ( ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنتَ
لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)
ويقول الطبري : قال أبو جعفر:
يقول تعالى ذكره: هذا الخبر الذي أخبرتك به من خبر يوسف ووالده يعقوب وإخوته وسائر
ما في هذه السورة ، ( من أنباء الغيب ) ، يقول: من أخبار
الغيب الذي لم تشاهده , ولم تعاينه، (31) ولكنا نوحيه إليك ونعرّفكه
ويقول البغوي : ( ذلك
) الذي ذكرت ( من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم )
أي : ما كنت يا محمد عند أولاد يعقوب ( إذ أجمعوا أمرهم ) أي : عزموا على
إلقاء يوسف في الجب ( وهم يمكرون ) بيوسف
ويقول السعدي الاتي في
تفسيره : لما قص الله هذه القصة على محمد صلى الله عليه وسلم قال الله له: {
ذَلِكَ } الإنباء الذي أخبرناك به { مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ } الذي لولا إيحاؤنا إليك لما وصل إليك هذا الخبر الجليل،
فإنك لم تكن حاضرا لديهم { إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ } أي: إخوة يوسف { وَهُمْ
يَمْكُرُونَ } به حين تعاقدوا على التفريق بينه وبين أبيه، في حالة لا يطلع عليها
إلا الله تعالى، ولا يمكن أحدا أن يصل إلى علمها، إلا
بتعليم الله له إياها. كما قال تعالى لما قص قصة موسى وما جرى له، ذكر
الحال التي لا سبيل للخلق إلى علمها إلا بوحيه { وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا
إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين } الآيات، فهذا أدل دليل على أن ما جاء به
رسول الله حقا
ويقول ابن كثير : هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة ، ( نوحيه
إليك ) ونعلمك به لما فيه من العبرة لك والاتعاظ لمن خالفك ، ( وما كنت لديهم )
حاضرا عندهم ولا مشاهدا لهم ( إذ أجمعوا أمرهم ) أي : على إلقائه في الجب ، ( وهم
يمكرون ) به ، ولكنا أعلمناك به وحيا إليك ، وإنزالا عليك
ومن المفترض هنا ان
القصص القرآنية غيب وأيضا لم يكن يعلب بها احد من قومه ولم يكن محمد ليعرفها الا
بالوحي
ويقول أيضا القران في
سورة ال عمران : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ
نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ
أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)
ويقول البغوي : قوله
تعالى : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ) يقول لمحمد
صلى الله عليه وسلم ( ذلك ) الذي ذكرت من حديث زكريا ويحيى ومريم وعيسى ( من أنباء
الغيب ) أي من أخبار الغيب ( نوحيه إليك ) رد الكناية إلى ذلك فلذلك ذكره
ويقول الطبري : ويعني ب " الغيب "، أنها
من خفيّ أخبار القوم التي لم تطَّلع أنت، يا محمد، عليها ولا قومك، ولم
يعلمها إلا قليلٌ من أحبار أهل الكتابين ورهبانهم.
ثم أخبر تعالى ذكره نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أنه أوحى ذلك إليه، حجةً على نبوته، وتحقيقًا لصدقه، وقطعًا منه به عذرَ
منكري رسالته من كفار أهل الكتابين، الذين يعلمون أنّ محمدًا لم يصل إلى علم هذه
الأنباء مع خفائها، ولم يدرك معرفتها مع خُمولها عند أهلها، إلا بإعلام الله ذلك
إياه. إذ كان معلومًا عندهم أنّ محمدًا صلى الله عليه
وسلم أميٌّ لا يكتب فيقرأ الكتب، فيصل إلى علم ذلك من قِبَل الكتب، ولا
صاحبَ أهل الكتُب فيأخذ علمه من قِبَلهم
هنا الطبري ذكر ( ان تلك الاخبار لم يعلمها هو او
قومه , وأيضا قال ان تلك الاخبار كان يعلم بها بعض احبار اهل الكتابين ورهبانهم
بمعنى أوضح قال انها كانت معلومة , ان هذه القصص هي حجة نبوته , ولأنه لا يقرأ او
يكتب اذا لم يستطيع ان يعرفها )
ويقول القرطبي : قوله تعالى : ذلك من أنباء
الغيب أي الذي ذكرنا من حديث زكريا ويحيى ومريم عليهم السلام
من أخبار الغيب . نوحيه إليك فيه دلالة على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم
- حيث أخبر عن قصة زكريا ومريم ولم يكن قرأ الكتب ;
وأخبر عن ذلك وصدقه أهل الكتاب بذلك
ويقول أيضا القران في سورة النحل وَمَا يَنطِقُ عَنِ
الْهَوَىٰ (3)
ويقول الطبري : يقول تعالى ذكره: وما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه ( إِنْ
هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) يقول: ما هذا القرآن إلا وحي
من الله يوحيه إليه
فنجد ان القران يؤكد على نفسه الاتي ( انه وحي الهي , انه من انباء الغيب لم
يعلمها محمد او قومه )
ويذكر لنا ابن إسحاق : والذي نفس ورقة بيده إنه
ليأتيك الناموس الأكبر الذي كان يأتي عليه السلام، وإنك لنبي هذه الأمة،
ولتؤذين، ولتكذبن، ولتقاتلن، موسی ولتنصرن ولئن أنا أدركت ذلك لأنصرنك نصرا يعلمه
الله، ثم أدنى إليه رأسه فقبل يافوخه، ثم أنصرف رسول الله ﷺ إلى منزله وقد زاده
الله عز وجل من قول ورقة ثباتًا، وخفف عنه بعض ما كان فيه من الهم. نا أحمد، نا
يونس عن قرة بن خالد قال: حدثني أبو رجاء العطاردي قال: أول سورة نزلت على محمد ﷺ:
( أقرأ باسم ربك الذي خلقه ) [1]
اذا وحي رسول الإسلام واكبر من وحي موسى
والحق أنه ليس لجبريل في هذا القرآن سوى حكايته للرسول وإيحائه إليه ، وليس
لرسول ﷺ في هذا القرآن سوى وعيه وحفظه ، ثم حكايته وتبليغه ، ثم بيـــــــانه و
تفسيره ، ثم تطبيقه وتنفيذه . نقرأ في القرآن نفسه أنه
ليس من إنشاء جبريل ولا محمد نحو « وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم » . ونحو (
وإذ لم تأتهم بآية قالوا قولا اجتبيتها. قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى» .
ونحوه وإذا تتلى عليهم آياتنا يينات قال الذين لا يرجون لقاءنا أنت بقرآن غير لهذا
أو بدله . قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف
إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) . ونحو « ولو تقول علينا بعض الأقاويل ، لأخذنا منه
باليمين . ثم لقطعنا منه الوتين . فما منكم من أحد عنه حاجزين » [2]
ويقول ابوشهبة : الذي نقطع به ، أن القرآن الكريم ، كلام الله سبحانه ، وهو
الذي يدل عليه قوله تعالى ، وإن أحد من المشركين استجارك ، فأجره حتى يسمع كلام
الله ثم أبلغه مأمنه. وأن القرآن لفظه ومعناه من عند الله سبحانه ـ قال تعالى ،
و تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ، حم . تنزيل
الكتاب من العزيز العليم. وقال ، وبالحق أنزلناه ، وبالحق نزل [3]
نستخلص من كل هذ الاتي ( القران هو من انباء الغيب , لم يكن يعلم محمد به
ولا حتى قومه , القران من المفترض انه اعظم من ناموس موسى , القران تنزيلي من
الاله مباشرة , انزل الاله القران حرفي بالحرف والكلمة والقصص كلها من عند الاله )
وهذه المقدمة اود ان افتتح بها هذه السلسلة
ونراكم في المقالات التالية
[1] السيرة النبوية لابن إسحاق – غار حراء ونزول الوحي
[2] 4 – مناهل العرفان – 1
[3] المدخل لدراسة القران – ص 65
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق