ملخص كتاب The Existence of God ( وجود الله ) للفيلسوف ريتشارد سوينبرن ( Richard Swinburne ) الجزء الثاني الحجة الكونية

 



عرف كانط الحجة الكونية بأنها تلك التي تبدأ من "تجربة غير محددة تمامًا" أو "تجربة الوجود عمومًا". لنقل، بشكل أكثر دقة، إنها الحجة التي تبدأ من وجود كائن محدود—أي كائن ذي قدرة أو معرفة أو حرية محدودة—بمعنى أي كائن غير الله. 


ومع ذلك، فإن بعض الحجج الأخرى التي سُمِّيت كونية قد بدأت فعليًا من شيء أكثر تحديدًا، وهو وجود كون مادي معقد؛ وسأقتصر في مناقشتي بشكل أساسي على هذه الحجج. أعني بالكون المادي كائنًا ماديًا يتكون من كائنات مادية مترابطة مكانيًا بعضها ببعض ولا ترتبط مكانيًا بأي كائن مادي آخر. (وأعني بـ "مترابطة مكانيًا" أنها تقع على مسافة معينة في اتجاه معين من بعضها البعض). 


كوننا المادي، أي الكون، هو الكائن المادي الذي يتكون من جميع الكائنات المادية، بما في ذلك الأرض، والأشياء الموجودة عليها، والغازات التي بينها. الكون هو الكون المادي الوحيد الذي لدينا معرفة يقينية به، لكنني أعرّفه بطريقة لا تستبعد الإمكانية المنطقية لوجود أكوان مادية أخرى.


من وقت لآخر، أخبرنا بعض الكُتّاب بأننا لا يمكننا الوصول إلى أي استنتاجات حول أصل الكون أو تطوره، لأنه هو الوحيد الذي لدينا معرفة به، ولأن البحث العقلي لا يمكنه الوصول إلى استنتاجات إلا حول الأشياء التي تنتمي إلى أنواع، فعلى سبيل المثال، يمكنه الوصول إلى استنتاج حول ما سيحدث لقطعة معينة من الحديد فقط لأن هناك قطعًا أخرى من الحديد يمكن دراسة سلوكها.


هذا الاعتراض يؤدي إلى نتيجة مفاجئة، وغير مرغوبة لدى معظم هؤلاء الكُتّاب، وهي أن علم الكونيات الفيزيائي لا يمكنه الوصول إلى استنتاجات مبررة حول أمور مثل حجم الكون، عمره، معدل توسعه، وكثافته ككل (لأنه الوحيد الذي لدينا معرفة به)، كما أن الأنثروبولوجيا الفيزيائية لن تتمكن من الوصول إلى استنتاجات حول أصل وتطور الجنس البشري (لأنه، وفقًا لمعرفتنا، هو الوحيد من نوعه). إن عدم معقولية هذه النتائج يدفعنا إلى الشك في صحة الاعتراض الأصلي، والذي يتضح في الحقيقة أنه مضلل تمامًا.


إذن، بالعودة إلى الموضوع الرئيسي، الحجة الكونية هي حجة تثبت وجود الله بناءً على وجود كائن محدود أو، بشكل أكثر تحديدًا، على وجود الكون المادي المعقد. على مدار الألفين وخمسمائة عام الماضية، ظهرت العديد من النسخ المختلفة لهذه الحجة، ولكن الأكثر شهرة هما الدليلان الثاني والثالث من بين الأدلة الخمسة التي قدمها الفيلسوف توما الأكويني لإثبات وجود الله.


في رأيي، أكثر نسخ الحجة الكونية إقناعًا وإثارة للاهتمام هما النسخة التي قدمها لايبنتز في مقاله "حول النشأة المطلقة للأشياء"، والنسخة التي قدمها معاصره صامويل كلارك في محاضرات بويل لعام 1704، والتي نُشرت تحت عنوان "برهان على وجود الله وصفاته".


يبدو أن لايبنتز هو الذي تعرضت حجته للنقد من قبل كانط في "نقد العقل الخالص"، بينما تعرضت حجة كلارك للنقد من قبل هيوم في "المحاورات". وعندما أتناول مثالًا تفصيليًا للحجة الكونية، سأركز على نسخة لايبنتز، لكن معظم ملاحظاتي ستنطبق على أغلب أشكال هذه الحجة.


إذا كانت هناك حجة تثبت وجود الله بشكل استدلالي صارم انطلاقًا من وجود كون مادي معقد، فإن القول بوجود كون مادي معقد مع إنكار وجود الله سيكون قولًا غير متماسك منطقيًا. أي سيكون هناك تناقض خفي في الجمع بين هاتين العبارتين. والطريقة الوحيدة لإثبات أن فكرة معينة غير متماسكة هي أن نستنتج منها عبارة غير متماسكة بشكل واضح (مثل عبارة متناقضة ذاتيًا).


قد يكون هناك، من الناحية النظرية، كون موجود اليوم دون أي تفسير علمي لوجوده. ولكن في الواقع، هناك تفسير علمي كامل لوجود كوننا اليوم يعتمد على كونه كان موجودًا في حالة معينة بالأمس (على سبيل المثال، احتواؤه على نفس كمية المادة والطاقة تقريبًا التي يحتويها اليوم)، بالإضافة إلى قوانين الطبيعة (بما في ذلك قانون حفظ المادة والطاقة) التي أثرت على حالته بالأمس لتنتج الكون في حالته اليوم.


يمكن التعبير عن هذا التفسير وفقًا للنموذج المعدل لهيمبل، حيث يتم تفسير الأحداث بناءً على الحالات السابقة للأشياء إلى جانب القوانين التي تفسر ما يحدث لاحقًا. وبالتالي، فإن حالة الكون بالأمس يمكن تفسيرها بالكامل من خلال حالته في اليوم الذي سبقه مع عمل نفس القوانين الطبيعية. ومن الواضح أنه يمكننا الاستمرار في تتبع هذه السلسلة إلى الماضي، مما يوفر تفسيرات كاملة لحالة الكون (وبالتالي لوجوده) لملايين السنين.


إذا اقتصرنا على التفسير العلمي فقط، فسيترتب على ذلك أن وجود الكون (بغض النظر عن كونه موجودًا منذ زمن محدود أو غير محدود) ليس له تفسير نهائي.


غالبًا ما افترض الفلاسفة، وأحيانًا جادلوا بذلك، ومن بينهم هيوم، أن امتلاك تفسير علمي لكل حالة من مجموعة من الحالات يعني تلقائيًا أن لدينا تفسيرًا للمجموعة بأكملها. وهذا ما عبر عنه هيوم بقوله:


( في سلسلة أو تعاقب من الأشياء، يكون كل جزء منها ناتجًا عن الجزء الذي سبقه، ويتسبب في ظهور الجزء الذي يليه، فأين تكمن الصعوبة إذن؟ ولكن قد يُقال إن الكل بحاجة إلى سبب، وهنا يجيب هيوم بأن جمع عدة أجزاء في كيان واحد، مثل توحيد عدة دول مستقلة في مملكة أو دمج عدة أعضاء منفصلة في جسد واحد، هو مجرد عملية ذهنية اعتباطية ولا تؤثر على طبيعة الأشياء نفسها. وبالتالي، إذا أوضحنا الأسباب الخاصة بكل جزء فردي في مجموعة مكونة من عشرين جزيئًا من المادة، فإن السؤال عن سبب وجود العشرين جزيئًا ككل يصبح غير منطقي، لأن تفسير أسباب الأجزاء يُعد كافيًا لتفسير الكل. ) 


بناءً على ما سبق، يتبع من المبدأ المذكور أنه إذا كان الكون ذا عمر محدود، وكان وجوده عبر الزمن لا يتعدى حدوث مجموعة محدودة من الحالات الماضية، كل منها يستمر لفترة محدودة (مثلًا عدد محدود من السنوات)، وكان السبب الوحيد لهذه الحالات الماضية هو الحالات السابقة لها (أي أن السببية العلمية وحدها تعمل)، فإن المجموعة الكاملة من الحالات الماضية لن يكون لها سبب وبالتالي لا يوجد لها تفسير.


نفس النتيجة تحدث إذا كان الكون قديمًا إلى درجة اللانهاية (وبذلك يتكون تاريخه من حدوث مجموعة لا نهائية من الحالات الماضية التي تستمر كل منها لفترة محدودة). في هذه الحالة، ستكون السلسلة اللانهائية بأكملها بلا تفسير كامل على الإطلاق، لأنه لن توجد أسباب لأعضاء السلسلة تقع خارج السلسلة نفسها. وفي هذه الحالة، سيكون وجود الكون عبر الزمن اللانهائي حقيقة لا يمكن تفسيرها.


سيكون هناك تفسير (من خلال القوانين) لسبب استمراره في الوجود بعد أن أصبح موجودًا، لكن ما سيكون غير قابل للتفسير هو وجوده طوال الزمن اللانهائي. إن وجود كون مادي معقد عبر الزمن المحدود أو اللانهائي هو أمر "أكبر من أن تشرحه العلوم".


ما زال الأمر كما كان من قبل، إذا كان لكل حالة من حالات الكون سبب كامل في الكون في وقت سابق يسببها، فلن يكون هناك تفسير ضمن النمط العلمي لسبب وجود الكون طوال التاريخ، بل فقط لسبب وجوده في لحظة معينة.


إذن، المسألة هي ما إذا كان هناك سبب شخصي يعمل من خارج الكون يسبب للأسباب داخل الكون أن تفعل ما تفعله. بمعنى آخر، المسألة هي ما إذا كانت قدرة الكون على الاستمرار في وجوده في اللحظة التالية، واحتمالية ممارستها لتلك القدرة، ليس لها تفسير في الوقت المعني، أو ما إذا كان وجودها وتشغيلها يعتمد على شخص يحفظها في الوجود ويشغلها. هل التفسير العلمي ليس مجرد تفسير كامل، أم أن له تفسيرًا يتعلق بشخص يختار استخدام الكون نفسه للحفاظ على الكون في الوجود (وأيضًا لإحضاره إلى الوجود إذا كان له بداية)؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الشخص باستمراره في النية هو السبب النهائي لوجود الكون على مر الزمن اللامتناهي.




ملخص كتاب تاريخ القرآن للمستشرق الالماني ثيودور نولدكه ( الجزء الاول - مصادر نبوة محمد )

 


إن المصدر الرئيس للوحي الذي نُزّل على النبي حرفيًّا، بحسب إيمان المسلمين البسيط وبحسب اعتقاد القرون الوسطى وبعض المعاصرين، هو بدون شك ما تحمله الكتابات اليهودية. وتعاليم محمد في جلّها تنطوي في أقدم السور على ما يشير بلا لبس إلى مصدرها. لهذا، لا لزوم للتحليل لنكتشف أن أكثر قصص الأنبياء في القرآن، لا بل الكثير من التعاليم والفروض، هي ذات أصل يهودي .


لا نحتاج في هذا الصدد إلى رد كل المواد اليهودية إلى ثقات يهود. وقد تواجد اليهود في أماكن عدة من شبه الجزيرة العربية وكانوا يقيمون في مناطق يثرب التي كانت على صلة وثيقة بموطن محمد، وكانوا يترددون إلى مكة كثيرًا . مسيحية الفِرَق الشرقية نفسها كانت ذات طابع يهودي بارز. ولم يكن العهد الجديد يحوز في الكنيسة القديمة الاهمية نفسها التي كانت للعهد القديم في ما يختص بالتعليم والبنيان الروحي. كانت المسيحية على انتشار واسع في شبه الجزيرة العربية


بين القبائل المتواجدة على الحدود الفارسية - البيزنطية (كلب وطيء وتنوخ وتغلب وبكر)، وفي الداخل في تميم، وفي اليمن التي كانت منذ زمن طويل تحت سيطرة الحبشة المسيحية. وحيث لم تكن المسيحية متأصلة، وجد على الأقل المام بها .حتى أن بعض مشاهير شعراء القرن الذي سبق ظهور الإسلام يشي تفكيرهم وتقييمهم للأمور بانهم كانوا يلمون بالمسيحية، رغم أنهم حافظوا على وثنيتهم.

ينبغي علينا، إذًا، ان نأخذ بعين الاعتبار التأثير المسيحي على النبي إلى جانب التأثير اليهودي.


لا مجال للشك في إن أهم مصدر استقى منه محمد معارفه لم يكن الكتاب المقدس، بل الكتابات العقائدية والليتورجية. هكذا تشبه قصص العهد القديم الموجودة في القرآن صيغها المنمقة في الهاجادا، أكثر مما تشبه أشكالها الأولى . أما القصص المستقاة من العهد الجديد فهي أسطورية الطابع وتشبه في عض معالمها ما يُسرد في الأناجيل المنحولة، قارن على سبيل المثال سورة آل عمران ٤٨ ، ٤١/٤٦ :٣و/٤٣ ؛ سورة مريم ١٧ : ١٩ ، بإنجيل الطفولة، الفصل الاول؛ إنجيل توما، الفصل الثاني؛ ميلاد مريم، الفصل التاسع. ونجد الجملة الوحيدة القصيرة جدًّا التي اقتُبست حرفيا من العهد القديم في سورة الانبياء ٢١ : ١٠٥ : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون)، قارن المزمور ٢٩ ،٣٧ . 



(( أما سورة الصف ٦ :٦١ التي يعِدُ فيها عيسى بأن الله سيرسل من بعده رسولاً اسمه أحمد، فلا أثر لها في العهد الجديد.))


لا نستبعد ان تكون تلك الترجمات الشفوية قد ابتدئ بتدوينها قبل الإسلام. وبما أن فن الكتابة كان معروفا لدى المكيين والمدنيين في زمن محمد (قارن أدناه صفحة ١٥) وكانت كتابة المراسلات المهمة (مثلاً كتب محمد إلى الاعراب) والعقود (كصلح الحديبية وعهد المدينة) معروفة أيضًا في ذلك الحين، فإنه ليس من المستبعد أن تكون العربية قد استعملت أيضًا لتدوين نتاج الشعراء والمغنين والقصاصين. الأدب ينبثق عن كتابة المناسبات. ولا بد من أن نكون الصحف التي كانت تحمل قصائد المدح والهجاء قد شهدت انتشارًا واسعًا (قارن إ. غولدتسيهر، مدخل إلى الحطيئة، في مجلة ٤٦ ZDMG، ص ١٨؛ الأغاني، ٢٠؛ ٢٤؛ ٢؛ ١٦ ؛ ديوان الهذليين ٦ ،٣؛ ديوان المتلمس ٢ ،٢؛ ديوان لبيد ١ ،٤٧ ؛ ديوان أوس بن حجر ٩ ،٢٣، الخ).


يتبين ان الحجج التي تؤيد القول إن محمدًا كان يستطيع القراءة والكتابة حجج واهية جدًا. فكيف بالحجج التي يسوقها من يود إثبات العكس؟ الحجة الأساسية هنا هي أن محمدًا يدعى في سورة الاعراف ١٥٧ :٧/ ١٥٨ ،١٥٦ النبي الأمّي، ما يشرحه كل المفسرين تقريبًا بأنه يعني ((النبي الذي بجهل القراءة والكتابة)). لكننا إذا تفحصنا كل الآيات القرآنية التي ترد فيها كلمة

«أمي» بدقة، وجدنا أنها تعني في كل الحالات نقيض «أهل الكتاب»، وهذا يفيد أن المراد بالكلمة ليس عكس القادرين على الكتابة، بل عكس من يعرفون الكتاب المقدس. في سورة البقرة ٧٣/٧٨ : ٢ يرد أنه ثمة حتى بين اليهود أمّيّون)، لا يفهمون من الكتاب إلا القليل. الكلمة، اذًا، تصف في حال محمد الوضع الذي كان يُشدّد عليه دائمًا، وهو أنه لم يكن يعرف الكتب المقدسة القديمة، بل عرف الحقيقة بواسطة الوحي فقط. الكلمة لا تعني من يجهل القراءة والكتابة


فلا يستبعد أن يحوز رجل، وجد في محيطه القريب عشرات من الرجال الذين استطاعوا القراءة والكتابة - أعرف فقط من ابن سعد (محقَّق) ٢ ،٣، فلهاوزن، (٤ (Wellhausen, Skizzen ، ص ١٠٥وو، والبلاذري، ص ٤٧١وو، أن عددهم كان ٢٦) ، ٤٤) ليس فقط بوصفه تاجرًا، ما يحتاجه من هذه الصنعة، ليس فقط من أجل تسجيل البضائع والاسعار والاسماء، بل أيضًا بسبب اهتمامه بكتب اليهود والمسيحيين المقدسة التي سعى إلى أن يتعمق بها معرفة.


حتى لو كانت الروايات التي تجمع لحمدًا براهب سرياني اسمه بحيرة أو نسطوريوس تحتوي نواة من الحقيقة، فلا يمكن للقاء كهذا أن يكون ذا أثر بالغ في نبوته. فحتى لو كان محمد سافر إلى سوريا مرارًا - والمئات من بني قومه قاموا بهذه الرحلة سنويًّا - لم يكن من الضروري لوثني من مكة أن يذهب إلى سوريا أو الحبشة ليتعرّف على ديانات الوحي، ولا أن يأتي مسيحي سوري أو حبشي إلى مكة ليتم ذلك. ففي مكان غير بعيد منها تواجد ما يكفي لهذا الغرض من اليهود والمسيحيين. لقد توفرت، إذا ، قنوات اتصال عديدة ومتنوعة، سرت عبرها المعارف الدينية إلى محمد. لكن اليقين البالغ الحماس الذي امتلكه محمد، واثقًا من رسالته الالهية، لم يدع له إلا مصدرًا نعليًّا واحدًا للحقيقة، ألا وهو الله وكتابه السماوي


أحد أهم مصادر تعاليم محمد كانت الاعتقادات الدينية التي اعتنقها قومه.وما من مصلح يمكنه أن يتنصل تمامًا من المعتقدات التي تربى عليها. هكذا بقي لدى مؤسس الإسلام بعض من الاساطير القديمة (مثلاً حول الجن) وبعض الآراء الدينية التي كانت سائدة في زمن الجاهلية. والبعض الآخر منها احتفظ به عمدًا .أما الطقوس الممارسة في الكعبة والحج فقام بتعديلها لتلائم تعليمه،


إن الدين الجديد الذي قدِّر له أن يهز العالم كله، انصهر في وجدان محمد من مواد مختلفة.


___________________________________________


تعليق بسيط بخصوص هذه الجزئية (  مسيحية الفِرَق الشرقية نفسها كانت ذات طابع يهودي بارز. ولم يكن العهد الجديد يحوز في الكنيسة القديمة الاهمية نفسها التي كانت للعهد القديم في ما يختص بالتعليم والبنيان الروحي ) 


كنت قد ناقشتها في مكان اخر سابقاً ( https://epshoi.blogspot.com/2021/12/blog-post_11.html?m=1 )


ولكني انقل كلام الباحث كما ذكره للامانة العلمية 

ملخص كتاب The Existence of God ( وجود الله ) للفيلسوف ريتشارد سوينبرن ( Richard Swinburne ) الجزء الاول

 



في كتابه وجود الله، يأخذنا الفيلسوف ريتشارد سوينبرن في رحلة فكرية لاستكشاف واحدة من أقدم وأعمق القضايا الإنسانية: هل يمكننا إثبات وجود الله بالعقل والمنطق؟ يبدأ الكتاب بمقدمة توضح الغرض الأساسي وهو تقييم الأدلة الفلسفية والتجريبية التي قد ترجح وجود الله أو تنفيه.


"القضية الأساسية ليست إذا ما كان هناك تناقض منطقي في مفهوم الإله، بل ما إذا كانت الأدلة الموجودة حولنا ترجح احتمال وجوده أو عدمه." (صفحة 1).


الفصل الأول: الحجج الاستقرائية

 

يتناول هذا الفصل الأنواع المختلفة للحجج الفلسفية، مع التركيز على الفرق بين الحجج الاستقرائية والاستنتاجية. يؤكد المؤلف أن الحجة الاستقرائية لا تهدف إلى تقديم استنتاج يقيني، بل تسعى إلى جعل الاستنتاج أكثر احتمالاً بناءً على الأدلة.

 

اقتباسات رئيسية:

 

حول أنواع الحجج الاستقرائية:

 

"الحجج الاستقرائية الجيدة تختلف بين نوعين: تلك التي تجعل النتيجة مرجحة أكثر بناءً على المقدمات (P-inductive)، وتلك التي تضيف إلى احتمالية النتيجة دون أن تجعلها أكثر من 50% (C-inductive)." (صفحة 5-6).

 

عن الغرض من الحجج:

 

"الغرض من الحجج هو جعل الأشخاص العقلانيين يقبلون النتائج. لتحقيق ذلك، يجب أن تكون المقدمات معروفة بأنها صحيحة لأولئك الذين يناقشون النتيجة." (صفحة 6).

 

أمثلة تطبيقية:

 

"الأدلة الرصدية عن سلوك الشمس والقمر والكواكب تجعل من الأرجح أن الأرض ستواصل الدوران حول محورها خلال الساعات الأربع والعشرين القادمة، وبالتالي شروق الشمس غدًا." (صفحة 5).

 

حول العلاقة بين الأدلة والنتائج:

 

"حتى عندما تكون هناك أدلة تدعم فرضية، فإنها لا تمنع أن تدعم أدلة أخرى فرضية منافسة. هذا ليس عيبًا في الحجج، بل هو سمة من سمات الحجج غير الاستنتاجية." (صفحة 19).

تحليل:

 

يشرح المؤلف الفرق بين الحجة الاستقرائية التي تعتمد على الاحتمالات، مثل "إذا كان 70% من سكان منطقة ما كاثوليكيين، فإن شخصًا عشوائيًا من المنطقة لديه احتمال 70% أن يكون كاثوليكيًا"، وبين الحجج الاستنتاجية التي تقدم نتائج مؤكدة. يوضح أهمية فهم الأدلة بشكل نقدي، وخاصة عند تطبيقها على قضايا كبيرة مثل وجود الله.

 

الفصل الثاني: طبيعة التفسير

 

الفصل الثاني يركز على أنواع التفسيرات، خصوصًا التفسير العلمي والتفسير الشخصي. يوضح الكاتب أن التفسير العلمي يعتمد على القوانين الطبيعية والشروط الأولية، بينما يعتمد التفسير الشخصي على نوايا وأفعال كائنات عاقلة. يتناول الفصل أيضًا العلاقة بين هذين النوعين وكيف يمكن أن يكونا مكملين لبعضهما.

 

اقتباسات رئيسية:

 

حول الفرق بين التفسير العلمي والشخصي:

 

"التفسير العلمي يوضح الظواهر بناءً على القوانين الطبيعية والشروط الأولية، بينما يفسر التفسير الشخصي الظواهر بناءً على نوايا وتصرفات كائن عاقل." (صفحة 45)​

.

 

حول قابلية الظواهر للتفسير:

 

"يمكن أن توجد تفسيرات علمية وشخصية متزامنة لبعض الظواهر، لكن أحيانًا نحتاج إلى تحديد أي تفسير هو الأجدر للاعتماد عليه." (صفحة 46)​

.

 

حول التفسير بإرادة الإله:

 

"عندما يدعي المؤمن أن فعل الله يفسر الظواهر، فإنه يستند إلى تفسير شخصي لظواهر قد تكون خارجة عن قدرة التفسير العلمي." (صفحة 47)​

 

عن حدود العلم:

 

"العلم يفسر لماذا تحدث بعض الظواهر، ولكنه لا يستطيع تفسير لماذا توجد قوانين الطبيعة نفسها." (صفحة 74)​

 

يتبع في المقال القادم

ملخص سريع لكتاب اربع وجهات نظر عن الجحيم

 



كتاب "Four Views on Hell" يعرض أربع وجهات نظر مختلفة حول مفهوم الجحيم في العقيدة المسيحية. يقدم كل مؤلف رؤيته الخاصة بشكل مستقل، ثم يقدم الآخرون استجابات ونقدًا لهذه الرؤية. الكتاب بمثابة حوار مفتوح بين الكُتّاب لمناقشة هذا الموضوع اللاهوتي المعقد، مستندين إلى النصوص الكتابية وتحليلاتهم اللاهوتية، مما يساعد القارئ على فهم الاختلافات وتكوين رأيه الخاص حول هذا الموضوع.


الفصل الأول: الرؤية الحرفية (The Literal View)

تقديم جون ف. والڤورد

 

يرى هذا الرأي أن الجحيم مكان حقيقي يتميز بالعذاب الجسدي الأبدي بالنار.

العقاب في الجحيم يُعتبر انعكاسًا لعدالة الله المطلقة ورغبته في محاسبة الخطاة.

النصوص التي تذكر النار والظلام والآلام تؤخذ بحرفية.

 

اقتباسات:

 

"الفكرة الكاملة للعقاب الأبدي تُقدَّم في الكتاب المقدس، مع تأكيد واضح على استمرارية العذاب دون انقطاع." (ص. 12)

"الإيمان بمحبة الله لا يلغي عدالته المطلقة التي تستوجب معاقبة الأشرار." (ص. 15)

"يصف الكتاب المقدس الجحيم بأنه مكان من الظلام التام حيث 'النار لا تنطفئ والدود لا يموت'." (ص. 18)

 

نقد هذا الرأي:

 

يرى المنتقدون أن التركيز على النار الحرفية يجعل العقاب يبدو غير متناسب مع الخطايا البشرية.

أشار زملاء والڤورد إلى أن النصوص الكتابية غالبًا ما تكون رمزية وليست حرفية

 

الفصل الثاني: الرؤية المجازية (The Metaphorical View)

تقديم ويليام ڤ. كروكيت

 

يرى كروكيت أن الجحيم ليس مكانًا ماديًا، بل حالة من العذاب الروحي والانفصال عن الله.

الصور المستخدمة في الكتاب المقدس مثل النار والظلام هي استعارات تهدف لتوضيح خطورة الجحيم.

 

اقتباسات:

 

"الصور المستخدمة في الكتاب المقدس تهدف لتوصيل فكرة أن الجحيم مكان رهيب، لكن ليست بالضرورة حرفية." (ص. 30)

"الجحيم يُقدَّم في نصوص مختلفة كـ 'النار الأبدية' وأيضًا كـ 'الظلام الخارجي'، مما يُشير إلى الرمزية." (ص. 31)

"في الزمن القديم، استخدم الكتّاب صورًا شديدة لتوصيل مدى رعب الحكم الإلهي، وكان الغرض هو التحذير وليس الوصف." (ص. 35)

 

نقد هذا الرأي:

 

يرى المدافعون عن الحرفية أن اعتبار النصوص مجازية يُضعف من التحذير الإلهي.

تساءل البعض عن مدى اتساق المجاز مع فكرة العدالة الإلهية

.

الفصل الثالث: رؤية المطهر (The Purgatorial View)

تقديم زكاري جاكوب هايز

 

يركز هذا الرأي على فكرة التطهير بعد الموت كفرصة ثانية للخطاة للتوبة.

يعتقد أن المطهر يعكس رحمة الله ويمنح فرصة للاستعداد الكامل للحياة الأبدية.

 

اقتباسات:

 

"المطهر هو تعبير عن رحمة الله، وهو فرصة لإعداد النفس لدخول النعيم الأبدي." (ص. 92)

"التطهير في المطهر ليس عقابًا انتقاميًا بل عملية شفاء وتقديس." (ص. 95)

"من خلال التطهير، يتم استكمال نقص البشرية ويتم تأهيل النفوس للقاء الله." (ص. 110)

 

نقد هذا الرأي:

 

اعتُبر هذا الرأي غير مدعوم بشكل كافٍ بالنصوص الكتابية من قبل بعض اللاهوتيين.

انتُقد أيضًا لاعتماده بشكل كبير على التقاليد الكاثوليكية بدلاً من نصوص الكتاب المقدس

.

الفصل الرابع: الرؤية الشرطية (The Conditional View)

تقديم كلارك هـ. بينوك

 

العقاب الأبدي يُستبدل بفكرة "الفناء الكامل"، حيث يُدمر الأشرار بالكامل بدلاً من معاناتهم للأبد.

يعتبر هذا أن الله رحيم ولا يمكن أن يسمح بعذاب أبدي

.

اقتباسات:


"العقاب الأبدي يُظهر الله كإله قاسٍ، بينما الفناء يعكس عدالته ورحمته في آنٍ واحد." (ص. 140)

"لغة الهلاك والموت الثاني في الكتاب المقدس تدعم فكرة أن الأشرار سيُفنون ولن يعانوا إلى الأبد." (ص. 145)

"الغرض الأساسي من العقاب هو إنفاذ العدالة، وليس الانتقام الأبدي." (ص. 152)

 

نقد هذا الرأي:

 

انتقده أصحاب الرؤية الحرفية، مثل والڤورد، باعتباره يقلل من أهمية العقاب الإلهي.

واجه اعتراضًا من البعض بسبب عدم تطابقه مع تقاليد الكنيسة المبكرة.


التفاعل بين الكتّاب

 

قدم كل كاتب ردودًا على الآراء الأخرى، مما أضاف عمقًا للحوار.

ركز النقاش بشكل كبير على تفسير النصوص ودور الرمزية مقابل الحرفية.

من أبرز النقاط الخلافية كان مدى توافق كل رؤية مع مفهوم العدالة الإلهية. 

بحث هذه المدونة الإلكترونية