من كتاب ضد الاريوسين الفصل الرابع والعشرون والخامس والعشرون
. ولكن بسبب أن عديمي الإيمان يستخدمون هذه الآيات أيضا ويجدفون على الرب، ويسخرون منا قائلين: لطالما أن الله يدعى الواحد والوحيد والأول، فكيف تقولون إن الابن هو الله؟ لأنه لو كان هو الله لما كان الله قد قال «ليس إله معي»" ولا «إلهنا واحد»لذلك فمن الضروري أن نوضح معنى هذه الآيات، بقدر الإمكان، لكي يعرف الجميع من شرحنا لهذه الآيات أيضا أن الآريوسيين هم في الحقيقة محاربون لله
من ناحية أخرى ، إذا كان الابن هو كلمة الآب ، فمن سيكون هذا الأحمق؟ باستثناء أولئك الذين يقاتلون المسيح. حتى يظن أن الله قد تكلمهكذا ليطعنني وينكرني؟ حاشا من المسيحيين التفكير هكذا! لأن هذه الآيات لم تكتب ضد الابن بل لاستبعاد الآلهة الباطلة التي اخترعهاالبشر ، والدليل على ذلك يكمن في معنى هذه الآيات
ولكن الابن إذ أحصى نفسه مع الآب، فقد أظهر أنه من طبيعة الآب نفسها ، وأعطانا أن نعرف أنه المولود الحقيقي من ، الحقيقي. وهكذاأيضا تعلم يوحنا وعلم هذا كاتبا في رسالته «ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية [1]
هكذا إن قيل «إله واحد»، «أنا وحدي»، «أنا الأول» فهذا يعني أن الكلمة كائن في نفس الوقت في ذلك الواحد والوحيد والأول مثل وجودالشماع في النور. وهذا لا يمكن أن يفهم عن أي كائن آخر سوى وحده، لأن كل الأشياء الأخرى خلقت من العدم بواسطة الابن، وهي تختلفاختلافا كبيرا جدا فيما بينها من جهة الطبيعة، أما الابن نفسه فهو مولود حقيقي وطبيعي من الآب
وإن كان الأمر هكذا، فكيف يكون هو وحده الابن الوحيد الجنس والكلمة والحكمة؟ أو كيف، بينما يوجد كثيرون مثل الآب، يكون وحده هوالصورة؟ لأنه يوجد كثيرون مثل الآب بين البشر، فكثيرون جدا صاروا شهداء ومن قبلهم الرسل والأنبياء وقبلهم أيضا البطاركة، وكثيرونأيضا، الآن يحفظون وصية المخلص إذ هم رحماء مثل الآب الذي ي السموات [2]
وحفظوا الوصية القائلة فكونوا متمثلين بالله كأولاد أحباء، واسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضا " وكثيرون أيضا تمثلوا ببولس كماتمثل هو أيضا بالمسيح[3]
ولكن ولا واحد من هؤلاء هو الكلمة، أو الحكمة، أو الابن الوحيد الجنس، أو الصورة. ولم يتجزأ أي واحد منهم أن يقول «أنا والآب واحد،) [4]
و انا في الآب والآب في [5] بل قد قيل عنهم جميعا من مثلك بين الآلهة يا رب و «من يشبه الرب بين أبناء الله ؟ ولكن قيل عن الابن وحده إنهالصورة الحقيقية للآب ومن جوهره [6]
ورغم أننا قد خلفا حسب الصورة ودعينا صورة الله ومجده [7] عنك ليس من ذواتنا، بل بسبب صورة الله ومجده الحقيقي الساكن فينا [8] الذي هو كلمته والذي صار جسدا لأجلنا فيما بعد[9]
وهو وحده ، يعلن الآب ، ومن أجل هذا دعي كلمة الله بـ «الملاك» [10] و هذا هو ما فعله الرسول ايضا حينما قال : نعمة لكم وسلام من اللهابينا والرب يسوع المسيح [11]
والابن كائن في الآب، كونه هو الذاتي وشعاعه، أما نحن فبدون الروح القدس فإننا نكون غرباء عن الله، وعن طريق اشتراكنا في الروح نصيراقرباء لله حتى أن وجودنا في الآب هو ليس منا ، بل هو خاص بالروح الموجود فينا والذي يسكن فينا، ونحن نحتفظ به في داخلنا عن طريقالإقرار كما يقول يوحنا «من اعترف أن يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه وهو في الله [12]
________________________________
[1] وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّوَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (1 يو 5: 20).
[2] فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ." (لو 6: 36).
[3] كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ." (1 كو 11: 1).
[4] أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ»." (يو 10: 30).
[5] أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ (إنجيل يوحنا 14: 10)
[6] الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَفِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي،" (عب 1: 3).
[7] فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ." (1 كو 11: 7).
[8] وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ." (يو 1: 12).
[9] وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا." (يو 1: 14)
[10] هنا نجد القديس اثناسيوس يتكلم عن ملاك يهوه وملاك يهوه هو يهوه نفسه
ملاك الرب : يدور جدل كثير حول ما إذا كان « ملاك الرب » في العهد القديم ( تك ۷:16 - ۱۶ ، ۱۱ : ۲۲ - ۱۵ ، خر ۳ : ۲ ، قض ۲ : 41 ،۲۳ : 5 ، ۱۱ : ۱ - ۲۶ ، ۳:۱۳ ) ، أو « ملاك الله » ( تك ۱۹-۱۷ : ۲۱ ، ۱۳-۱۱ : ۳۱ ) ، أو « ملاك حضرته » ( إش ۹:۱۳ ) ، هو واحد منالملائكة ، أو هو أحد ظهورات الله نفسه . إن حقيقة أن « ملاك الرب » لا يتكلم باسم الله ، بل كالله ( بضمير المتكلم المفرد ) ، لا تترك مجالالشك في أن ملاك الرب هو ظهور الله نفسه ( تك ۷ : ۱۷-۲۲ ۱۱:۲۲ - ۱۰ ، ۱۳-۱۱ : ۳۱ ) . « فملاك الرب » يقول عن نفسه ليعقوب : « أناإله بيت إيل » ( تك ۱۳:۳۱ ) . وأحيانا يبدو الرب متميزة عنه ( ۲ صم ۱۹:۲۶ ، زك ۱۲ : ۱-۱۶ ) . ورغم هذا التميز أحيانا ، فإنه يتكلمباعتباره الله ( انظر زك ۱ : ۳ و ۲ ، ۸:۱۲ ) ، ولذلك فإن أي تميز بين « ملاك الرب » والرب نفسه إنما هو بين الرب غير المنظور ، والربالظاهر في صورة « ملاك الرب » . وحيث أن عبارة « ملاك الرب لا تذكر مطلقة بعد تجسد المسيح ، فإن الكثيرين يرون أن « ملاك الرب فيالعهد القديم إنما يشير إلى ظهور الرب يسوع في صورة ملاك قبل أن يتجسد ويولد من العذراء المطوية . أما « ملاك الرب في العهد الجديد ( مت ۲۰ : ۱ ۱۳:۲۰ ، أع ۱۹ : 5 ، ۳ : ۱۰ ۱۷ : ۱۲ و ۲۳ ) فلا شك في أنه ملاك من الملائكة ، مثل جبرائیل ( لو ۱۱ : 1 و ۱۹ و ۳۹ خ) »
دائرة المعارف الكتابية المجلد السابع ص 210
[11] إِلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي رُومِيَةَ، أَحِبَّاءَ اللهِ، مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ."(رو 1: 7).
[12] مَنِ اعْتَرَفَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللهِ." (1 يو 4: 15).