المستور في الاحتلال العربي لمصر


 


سلام المسيح معك عزيزي القارئ في هذا المقال الذي نتحدث فيه عن مساوئ الغزو العربي لمصر كنت قد كتبت مسبقا في مقال عن حقيقة الإرهاب الاظلامي[1] وفي هذا المقال سوف نكتب عن بعض ما حدث من احداث شنيعة تلت حدوث هذا الغزو الذي لم يمحي فقط الثقافة المصرية الاصيلة بل أيضا بدل لغتها وحتى لا تطيل المقدمة لندخل في مقالنا

 

الموضوع

 

في البداية يجب ان نعرف ان سبب الغزو الإسلامي لمصر كان لنهب ثرواتها وهذا ما يذكره لنا المؤرخ المسلم الديانة تقي الدين المقريزي

 

فيقول : لما قـدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجابية، قام إليه عمرو ابن العاص، فخلا به ، فقال : يا أمير المؤمنين ائذن لي أن أسير إلى مصر. وحرضه عليها وقال : إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعـون لهم، وهي أكثر الأرض أموالاً، وأعجز عن القتال والحرب [2]

 

فنجد هنا الهدف الأساسي الذي قاله عمرو بن العاص هو ( كانت قوة للمسلمين وعـون لهم، وهي أكثر الأرض أموالاً ) فكان الهدف الرئيسي هو القوة والمال أي ان هذا الغزو كان نابع عن جشع في السلطة والمال

 

وحدث الغزو الإسلامي لمصر وبدأ تنفيذ المخطط المراد وهو اخذ السلطة والمال من ارض مصر لدرجة انهم اخذوا الجزية على الأموات وجعل القبط في منزلة العبيد

 

يقول المؤرخ المسلم الديانة إبن عبد الحكم : كتب حيان الى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم فسأل عمر عراك بن مالك فقال عراك : ما سمعت لهم بعهد ولا عقد وانما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد . فكتب عمر الى حيان بن سريج أن يجعل جزية موتى القبط على احيائهم [3]

فكما نرى ان الغزو الإسلامي نهب أموال القبط وليس هذا فقط بل قام بتحويل قبط مصر الي عبيد وهناك ما هو اسوء سوف نراه في هذا المقال

 

يقول يوحنا النقيوسي وكان من المعاصرين للغزو العربي : ولم يكتف عمرو بهذا، بل أنه قبض على القضاه الرومان، وقيد أيديهم وأرجلهم بالسلاسل والأوتاد الخشبية، ونهب أموالاً كثيرة، وقام بمضاعفة الضرائب على الفلاحين، وأجبرهم على إحضار، عليقة لخيوله، وبالإجمال مارس كل أعمال العنف. أما الروم، فقام الضباط المساعدين للحاكم في نيقيوس بالذهاب إلى الاسكندرية بعدما تركوا دومنتيانوس في نيقيوس مع عدد قليل من القوات لحراسة المدينة [4]

 

فنجد ما قاله احد المعاصرين للغزو يقول ( نهب أموالاً كثيرة، وقام بمضاعفة الضرائب على الفلاحين )

 

ولم يتوقف هذا الي هنا بل أيضا بعد عمرو اكملوا في السرقة والنهب

 

يقول الاديب احمد نجيب : قال القبط لهم تخلوا عن الكنز يامعشر المسلمين لانه وجد في أرض مقابر أجدادنا وليس لكم فيها حق ألبتة فاذهبوا لمقابر أجدادكم بأرض الحجاز فانبشوها كيف شئتم وخذوا منها ماتركه لكم أجدادكم [5]

 

فنجد ان الهدف الأساسي من هذا الغزو هو المال ونهب الثروات وليس كما يقال ان هناك رسالة نجده أرسلها قبط مصر لعمر باكين له قائلين انقذنا من الرومان

 

يقول الفريد بلتر : من الخطأ الادعاء أن الأقباط كانوا يستطيعون في ذلك الوقت أن يجتمعوا أو يقاتلوا أو يفاوضـوا الـعـرب .لم يستقبل الأقباط العرب كمحررين لبلادهم فلقد كان الأقباط يجهلـون كـل شـيء عن نواياهم وهل سيرغمهم العرب على اعتناق دين جديد هو الإسـلام ؟ ونحـن قد رأينا كيف أن الأقباط وقفوا أمام الإمبراطور البيزنطي والدولة وأبـوا أن يقبلوا مجرد عقيدة جديدة في نطاق المسيحية فهل يعقل أنهم رحبوا بأمه جديدة تدين بدين جديد لو أحسوا أنهم سيرغموا على اعتناق الإسلام وما يتبع ذلك من متاعب ومظالم [6]

 

فلم يطلب القبط منهم أي شيء بل هم الذين جاؤا لكي ينهبوا ثروات القبط ويزدادوا سلطة ليس اكثر

 

ننتقل الان ونرى ما حدث للقبط في فترة هذا الغزو

 

حدثت العديد من ثورات للقبط احتجاج على هذا الاحتلال الذي اعتمد على استنزاف الاقباط واموالهم

 

يقول المؤرخ المعروف ساويرس بن المقفع : وحين بدأ المصريون الاقباط يثورون ضد سلطة العرب بسبب مطالبها المالية المجحفة، وجدوا في المصريين المسلمين الذين زاد عددهم في مصر وأصبحوا يملكون أراضي خراجية، شريكا لهم في تلك الثورات. ولذلك نرى سائر مؤرخي مصر المسلمين يشتركون مع ساويرس في ذكر تلك الثورات بل يفصلون الكلام أحيانا فيما لا يفصل فيه مؤرخ البطاركة. وقد تعددت ثورات المصريين وشملت الوجهين البحرى والقبلي. وكان أعنف هذه الثورات تلك التي كان يقوم بها أهل البشـمـور أو البشرود، وهي المنطقة الرملية الساحلية بين فرعى دمياط ورشيد وفي تنيس ومنطقة الحوف الشرقي. ولقد ظل المصريون الأقباط يقومون بالثورة بعد الأخرى طوال القرن الثامن الميلادي، وكانت حكومات العرب والعباسيين تقابل تلك الثورات بالقسوة والعنف [7]

 

 فنجد بسبب هذا الاحتلال الذي كان يستنزف ثروات القبط كما ذكر ( الاقباط يثورون ضد سلطة العرب بسبب مطالبها المالية المجحفة ) لم يعطي العرب للاقباط حقوقهم بل ردوا عليهم بالعنف والقساوة ( تقابل تلك الثورات بالقسوة والعنف )

 

ويؤكد الاقتباس انه أيضا المؤرخين المسلمين يؤكدوا على حدوث تلك الثورات

على سبيل ما ذكره المؤرخ المسلم تقي الدين المقريزي من نهب الكنائس وثورات الاقباط

 

فيقول المقريزي : فرفع المسلمون قصة قرئت في دار العدل في يوم الاثنين رابـع عشر شهر رجب تتضمن أن النصارى قد استجدوا عمارات في كنائسهم ووسعوها، هذا وقد اجتمع بالقلعة عالم عظيم واستغاثوا بالسـلطان مـن النصاری ونهبوا حواصل ما خربوه من ذلك، وكانـت كثيـرة، وأخـذوا أخشابها ورخامها، وهجموا كنائس مصر والقاهرة، ولـم يبـق إلا أن يخربوا كنيسة البندقانيين بالقاهرة، فركب الوالي ومنعهم منها واشـتدت العامة وعجز الحكام عن كفهم [8]

 

وغيرها من الاحداث التي يؤكدها المقريزي في كتابه من هدم ونهب الكنائس وثورة القبط ضد ذلك وهذه الثورة التي تم الرد عليها ليس بالحق بال بالظلم والقهر كما ذكرنا مسبقا

 

في خلافة المأمون 813 م  نجد الاتي : و بعـد مـوت هـارون الرشـيـد وقع خلاف بين ابنيه وقام كل منها يطالب بالخلافة فانتهز مسلمو الاندلس هذه الفرصة وهجموا على مصر . وكثيرون من الأقباط الذين اخناهم الذل ساعدوا الاندلسيين على أخذ الاسكندرية ولكن مسلمى الاسكندرية قاوموا الاندلسيين واشتبكت الحرب بين الفريقين مدة أطلق فيها البغاة أيديهم لسلب ونهب الاقباط فهجموا على البيوت والمنازل فنهبوا ثم دمروا الكنائس ومنها كنيسة المخلص واغتصبوا ما فيها من الامتعة وسلبوا الاواني المقدسة وأثموا بـالمـقـادس . وغارت قـبـائـل الـعـرب على وادى النطرون فأخر بوا أديرته ونهبوها وفتكوا برهبانها وطردوهم فلم يبق منهم الا القليل . وآلت ولاية مصر بعد ذلك لرجل اسمه عبد الله بن طاهر فأباح لجنوده نهب الأديرة واحراق الكنائس والتمثيل بعابديها [9]

 

ويؤكد المقريزي على العنصرية التي تعرض لها قبط مصر : إلزام الذميين بالقيود في الملابس ، وطردهم من وظائفهم في دواوين السلطان ودواوين الأمراء وإغلاق الكنائس [10]

 

ويقول المقريزي مرة أخرى : ورد في يوم الجمعة ، سادس عشرة الخبر من مدينة قوص، بأن الناس عندما فرغوا من صلاة الجمعة في اليوم التاسع من شهر الآخر ، ربیع قام رجل من الفقراء وقال : يا فقراء ، اخرجوا إلى هدم الكنائس . وخرج في جمع من الناس ، فوجدوا الهدم قد وقع في الكنائس ، فهدمت ستُ كنائس كانت بقوص وما حولها ، في ساعة واحدة . وتواتر الخبر من الوجه القبلى ، والوجه البحري بكثرة ما هدم في هذا اليوم ، وقت صلاة الجمعة وما بعدها ، من الكنائس والأديرة في جميع إقليم كله ، ما بين قوص والإسكندرية ، ودمياط [11]

 

ولم يتوقف الامر على هدم الكنائس او التحقير والاذلال الخ.. بال وصل أيضا الي ارق الدماء

 

يقول كريستيان سي ساهنر Christian C. Sahner أستاذ التاريخ الإسلامي : قام المسؤولون المسلمون بإعدام المسيحيين ، وما هي الوظائف الاجتماعية لعقوبة الإعدام ، وهل كان العنف بمثابة اضطهاد واسع النطاق للمسيحيين من قبل الدولة الإسلامية؟ إراقة الدماء هي سمة لا مفر منها لسير القداسة المسيحية في أواخر فترات العصور الوسطى وأوائل العصور الوسطى ، ولم تكن حياة الشهداء الجدد استثناءً. وبحسب ما ورد تعرض أحد القديسين للضرب المبرح حتى تعفن جلده وامتلأ بالديدان. تم تقطيع أوصال الآخرين[12]

 

فالحقيقة التاريخ ملئ بمثل هذه الأمور فلم يكن الاحتلال العربي ملئ بالورود على غير المسلمين وهذا ما نجده حتى يومينا هذا , نعم الذي ذكر في هذا المقال شيء ضئيل بالمقارنة مع ما هو موجود في التاريخ والكتب ولكن الهدف من هذا المقال هو القاء الضوء على حقائق هامة حدثة في التاريخ ويحاول الكثير ان يخفيها

 

واكتفي بهذا القدر

 

وللرب المجد الدائم امين



 

[1] تسطيع قراته من هنا : https://2u.pw/0Qtig

 

[2] المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والاثار – تقي الدين المقريزي – الجزء الأول – مكتبة مدبولي 1997 – ص 795

 

[3]  فتوح مصر واخبارها - إبن عبد الحكم – تحقيق محمد صبيح – ص 67

 

[4] تاريخ العالم القديم – يوحنا النقيوسي – القمص بيشوي عبد المسيح – الفصل الثالث عشر بعد المئة , ص 206

 

[5] الأثر الجليل لقدماء وادي النيل -  احمد نجيب 1991 - الطبعة الاولى - ص 76

 

[6] وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها - الراهب القمص أنطونيوس الأنطوني – ص 63

 

[7] تاريخ مصر من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع – الجزء الثاني – عبد العزيز جمال الدين – ص 11 – 12

 

[8] ثورة المسيحيين ضد الحكم العربي – تقي الدين المقريزي – جمال محمد أبو زيد 2009  – ص 62

 

[9] تاريخ الكنيسة القبطية – القس منسى يوحنا – ص 364

 

[10] السلوك – تقي الدين المقريزي – الجزء الثاني – قسم 1 – 222 - 227

 

[11] تاريخ الاقباط – تقي الدين المقريزي – عبد المجيد دياب – دار الفضيلة – ص 201

 

[12] Christian Martyrs under Islam Religious Violence and the Making of the MusliM WoRld Christian C. Sahner  © 2018 ) P . 160