هي لنقوم بعمل دراسة لنص : الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ." (كو 1: 15). ونرى هل هو حقا يجعل المسيح مجردمخلوق ام له معنى لاهوتي كبير
في البداية سنأخذ النص باللغة اليونانية
ὅς ἐστιν εἰκὼν τοῦ Θεοῦ τοῦ ἀοράτου, πρωτότοκος πάσης κτίσεως [1]
سنأخذ القسم الاول من النص ( ὅς ἐστιν εἰκὼν τοῦ Θεοῦ τοῦ ἀοράτου ) هو يكون متماثل للغير المرئي الله او حسب ماذكر فيالنص ( الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ ) وهذا النص يتفق مع نص العبرانين : الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ،وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي،" (عب 1: 3). ونص انجيل يوحنا : ألله لم يره أحد قط؛ ألإله، الابن الوحيد، الذي هو في حضن الآب ( يو1 : 18 الترجمة البوليسية ) ونص اخر من فمالمسيح : وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ (مت 11: 27)
فنرى في بداية النص ان المسيح هو رسم جوهر الاب وهو الذي يعرف ولا احد يعرفه غير الابن والذي يخبر عنه ونزى الاب فيه هو الابن لذلكقال المسيح : اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ (يو 14: 9) فالنص نفسه منذ بدايته يتحدث عن لاهوت الابن وانه رسم جوهر الاب
يقول القديس امبروسيوس : إذ هو نفسه صورة الله غير المنظور غير الفاسد, فليشرق عليكم كما في مرآة الناموس. اعترف به في الناموسحتى يمكنك أن تعرفه في الإنجيل [2]
اوريجانوس العظيم : لنتبصر أولًا وقبل شيءٍ ما هي الأشياء التي تدعي صورًا في الحديث البشري العادي. أحيانًا يستخدم تعبير"صورة" على رسم أو نحت على مادة ما مثل الخشب أو الحجارة. أحيانًا يُقال عن الطفل إنه صورة الوالد (أو الوالدة) عندما يحمل شبهًالملامح والده في كل جانب... بخصوص ابن الله الذي نتحدث عنه الآن, فإن الصورة يمكن أن تقارن بالتوضيح الثاني هنا, فهو الصورة غيرالمنظورة لله غير المنظور [3]
القديس اغسطينوس : يمكن أن توجد صورة بين الآباء والأبناء ومساواة وتشابه لو كان فارق السن غير قائم. لأن تشابه الطفل يأتي منالوالد حتى يُدعي بحق صورة... على أي الأحوال في الله لا يوجد عامل الزمن، فلا يمكن تصور إن الله ولد الابن في زمن هذا الذي خلالهأوجد الأزمنة. لهذا ليس فقط الابن صورته لأنه منه (الله), والشبه لأجل الصورة, بل والمساواة عظيمة هكذا حيث لا يوجد أي تمييز مؤقت يقفحائلًا بينهما [4]
ويقول القديس إيريناؤس : إذًا الآب هو الرب والابن هو الرب والآب هو الله والابن هو الله. لأن المولود من الله هو الله. وهكذا يظهر إلهواحد في جوهر وقوة كيانه [5]
ويقول وليم ماكدونالد : يوصف الرب هنا بأنه صورة الله غير المنظور. ينقل فكرة أن الرب يسوع مكننا من رؤية ما هو شكل الله. الله روحولذلك فهو غير مرئي. لكن في شخص المسيح ، جعل الله نفسه مرئيًا للعيون الفانية. بهذا المعنى ، فإن الرب يسوع هو صورة الله غيرالمنظور. من رآه فقد رأى الآب [6]
ونضع نصوص العهد القديم التي تقول لا احد مثل الله
إرميا10 عدد6: لا مثل لك يا رب عظيم انت وعظيم اسمك في الجبروت ، إشعياء46 عدد5: بمن تشبهونني وتسووننيوتمثلونني لنتشابه ، وفي إشعياء 45 عدد5 كما يلي :انا الرب وليس آخر.لا اله سواي.نطّقتك وانت لم تعرفني ، مزمور 89 عدد6: لانه من في السماء يعادل الرب.من يشبه الرب بين ابناء الله. إشعياء40 عدد25 : فبمن تشبهونني فأساويه يقولالقدوس ، إشعياء40 عدد18: فبمن تشبهون الله وأي شبه تعادلون به
فالله لا احد مثل سوى الله نفسه اي ان المسيح هو رسم جوهر الله ومثل الله لانه هو الله
القسم الثاني من النص يقول : ( πρωτότοκος πάσης κτίσεως ) كلمة بكر هنا ( πρωτότοκος ) بمعنى اول مولود [7] وجأت الكلمة فيالكثير من الاعداد في الكتاب المقدس سنأخذ منها مثالين او ثلاثة
"وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ." (مت 1: 25)
RP Byzantine Majority Text 2005
καὶ οὐκ ἐγίνωσκεν αὐτὴν ἕως οὗ ἔτεκεν τὸν υἱὸν αὐτῆς τὸν ((( πρωτότοκον ))) καὶ ἐκάλεσεν τὸ ὄνομα αὐτοῦἸησοῦν
فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ." (لو 2: 7)
Westcott and Hort 1881
καὶ ἔτεκεν τὸν υἱὸν αὐτῆς τὸν (( πρωτότοκον ))) καὶ ἐσπαργάνωσεν αὐτὸν καὶ ἀνέκλινεν αὐτὸν ἐν φάτνῃ, διότι οὐκ ἦν αὐτοῖς τόπος ἐν τῷ καταλύματι
لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ." (رو 8: 29)
Greek Orthodox Church 1904
ὅτι οὓς προέγνω, καὶ προώρισε συμμόρφους τῆς εἰκόνος τοῦ υἱοῦ αὐτοῦ, εἰς τὸ εἶναι αὐτὸν (( πρωτότοκον )) ἐν πολλοῖς ἀδελφοῖς
فالمقصود من لفظ البكر هو ان يكون فوق ان يكون هو الرأس نفسه لان المسيح بالجسد رأس البشرية : ألستم تعلمون أن أجسادكم هيأعضاء المسيح ؟ ” ( اكو 15:6 ) وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفراد ” ( 1 كو 27:12 ) . إذن المسيح هو رأس لنا كما أنه رأسالكنيسة
مفهوم ”البكر“ في العهد القديم:
ولكي نفهم معنى كلمة ”البكر“ التي يستعملها بولس الرسول هنا، علينا أن نرجع لمعنى هذه الكلمة كما تَرِد في العهد القديم:
1 – ”البكر“ في العهد القديم يعني الابن المولود أولاً، حتى وإن سبقه أخوات في الولادة، فالبكر يكون من الذكور فقط. هذا الطفل الذكرالبكر يكون له مكانة رائدة في الأسرة، ويتبوأ مكان الصدارة في العائلة عند وفاة الوالد، وله الحق في نصيب اثنين في الميراث.
2 - كان ”البكر“ يُعتبر مِلْكاً خاصاً لله: «قدِّس لي كل بكر، كل فاتح رحم من بني إسرائيل، من الناس ومن البهائم، إنه لي» (خر 13: 2).
3 – كانت البكورية أو حق الابن الأكبر ترجع إلى الوالد نفسه وليس إلى مجرد ترتيب الولادة للأطفال، وكان من حق الوالد أن يسحب حقوقالبكورية من الابن الأكبر ويعطيها لطفل آخر من أولاده. فمثلاً في سفر التكوين (تك 25: 29-34) كان من حق الابن الأكبر أن يبيع بكوريتهلأخيه الأصغر منه، كما فعل عيسو وباع حق البكورية لأخيه يعقوب، ومع ذلك لم يعترف أبوهما إسحق بهذا الأمر وطلب من عيسو أن يصنعله وليمة صيد حتى يأكل ثم يُباركه، متغاضياً عن الاتفاق الذي تم بين عيسو ويعقوب (تك 27: 19). وفي الجيل التالي لهذه الواقعة، لم يمنحيعقوب ابنه الأكبر رأوبين حق البكورية، بل أعطاها ليوسف ابن زوجته المحبوبة راحيل. وقد أفصح عن ذلك علانية عندما صنع ليوسف قميصاًملوناً لتمييزه على باقي إخوته (تك 37: 3-4)، وبهذا التمييز أعطى يعقوب ليوسف حق البكورية مما أثار ضده غيرة إخوته، خاصة عندماأعطى يوسف لإخوته الانطباع برئاسته عليهم بواسطة الأحلام التي كان يقصها عليهم. وحتى يوسف نفسه المعتَبَر أنه بكر عندما قدَّم ولديهلأبيه يعقوب ليُباركهما، قدَّم يعقوب الابن الأصغر على الابن الأكبر (تك 48: 13-20).
4 – مرة أخرى نجد في العهد القديم أن كلمة ”بكر“ أحياناً لا تُطلَق على الابن المولود طبيعياً أولاً، بل الابن الذي سوف يصير قائداً أو مميزاً. عندما طلب الله من إبراهيم أن يُقدِّم له إسحق محرقة، قال له: «خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق» (تك 22: 2)، مع أنه لم يكن وحيده، ولكنالمقصود هنا بالابن الوحيد، وبالتالي الابن البكر، الابن المحبوب. وفي سفر ميخا وسفر زكريا نجد أن المقصود بالابن البكر الابن المحبوب منوالديه أو العزيز جداً لديهم: «بِمَ أتقدم إلى الرب وأنحني للإله العلي؟... هل أُعطي بكري (أي ابني المحبوب) عن معصيتي، ثمرة جسدي عنخطية نفسي» (ميخا 6: 7،6)، «وأفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرُّعات، فينظرون إليَّ، الذي طعنوه، وينوحونعليه كنائح على بكره (أي ابنه المحبوب)» (زك 12: 10).
5 – معنى آخر يقابلنا في العهد القديم لمفهوم البكر، وذلك عندما دعا الله إسرائيل بأنه ابنه البكر، وذلك في حديثه مع موسى النبي: «فتقوللفرعون: هكذا يقول الرب: إسرائيل ابني البكر» (خر 4: 22)، وهو نفس المعنى الذي كرره بعد ذلك إرميا النبي: «لأني صرت لإسرائيل أباً،وأفرايم هو بكري» (إر 31: 9). والمعنى الوارد في هاتين الآيتين، والذي لم يتكرر في العهد القديم بعد ذلك، لا نجد أي تلميح أن الله قد ولدإسرائيل، لكنه يقصد أن إسرائيل هو الشعب رقم واحد أو الشعب المفضَّل أو المختار لديه. أو الشعب القريب إلى قلبه، مَن يخطئ نحو هذاالشعب فكأنه يسيء إلى الله نفسه، ومِن ثمَّ عليه أن يتحمل عقوبة خطئه. ففي سفر الخروج عندما رفض فرعون أن يُطلِق إسرائيل، قال الرب: «أطلق ابني ليعبدني، فأبيتَ أن تُطلقه، ها أنا أقتل ابنك البكر» (خر 4: 23).
6 – أخيراً، نجد أن الملك الذي سيملك على كرسي داود سوف يُسمَّى ”الابن البكر“: «هو يدعوني أبي أنت، إلهي وصخرة خلاصي، أناأيضاً أجعله بكراً، أعلى من ملوك الأرض» (مز 89: 27،26). واضح هنا أيضاً أنه لا يوجد ولادة حسب الجسد لهذا الابن البكر، لكن اللهسوف يجعله بكراً له، أي سيجعله أعلى من كل ملوك الأرض. فالابن البكر هنا يعني مكان الصدارة والكرامة والمجد الذي سيحتله الملكالداودي [8]
ويقول القديس اثناسيوس : الله الذي كان للناس خالقاً، صار لهم فيما بعد أباً، بسبب كلمته الذي سكن فيهم. أما بخصوصالكلمة، فالأمر معكوس، فالله وهو آب له بالطبيعة، صار له فيما بعد خالقاً وصانعاً، حين لَبِسَ الكلمة جسداً مخلوقاًومصنوعاً وصار إنساناً... فحينما لَبِسَ الكلمة جسداً مخلوقاً وصار مُشابهاً لنا من جهة الجسد، فقد صار من اللائق أنيُدعَى ”أخاً“ لنا و”بكراً “ لنا. فمع أنه قد صار من بعدنا ولأجلنا إنساناً وأخاً لنا بسبب مشابهة جسده لأجسادنا، لكنه معذلك يُدعى ويكون بالفعل ”بِكْراً“ لنا. لأنه بينما كان جميع الناس هالكين بسبب معصية آدم، فإن جسده، كأولٍ بين جميعالأجساد الأخرى، قد نجا وتحرَّر لأنه كان جسداً ”للكلمة“ نفسه؛ ومن بعده نحن أيضاً لمَّا نصير جسداً واحداً معه نخلُصأيضاً على مثاله... فإنه هو ”الابن الوحيد“ بسبب ولادته من الآب، وهو ”البكر“ بسبب تنازله إلى خليقته، واتخاذه إخوةكثيرين له [ 9 ]
ويقول القديس كيرلس الكبير : بسبب محبة الآب لخلائقه، قد دعا الابنُ نفسَه بكراً لكل خليقة (1كو 1: 15). فهو بكر من أجلنا نحن، حتىتصير الخليقة كلها كأنها مطعَّمةً فيه، كما في أصل جديد غير مستهدَف للموت، فتنبت من جديد من الكائن الأزلي نفسه [10]
ويقول ذهبي الفم : ليتنا لا نمسك فقط بالمسيح بل لنلتصق به، لأننا إن افترقنا عنه فإننا نهلك، كما يقول: «الذين يبعدونعنك يهلكون» (مز 73: 27). فلنلتصق إذاً به، لنلتصق به بأعمالنا، لأنه يقول: ”الذي يحفظ وصاياي فهو الذي يثبت فيَّ“ (انظر يو14: 21). وهو يوحِّدنا به بأمثلة كثيرة. فانظر: إنه هو الرأس ونحن الجسد. فهل يمكن أن توجد أية فجوة بين الرأسوالجسد؟ إنه هو الأساس ونحن البناء. هو الكرمة ونحن الأغصان. هو العريس ونحن العروس. هو الراعي ونحن الخراف. هو الطريق ونحن السائرون فيه. نحن الهيكل وهو الساكن فينا. هو ”البكر“ ونحن إخوته. هو الوارث ونحن شركاؤه فيالميراث. هو الحياة ونحن الأحياء. هو القيامة ونحن القائمون. هو النور ونحن المستنيرون. كل هذه تفيد الاتحاد ولا تتركفرصة لوجود أقل فجوة بيننا وبينه [11]
ويقول القمص انطونيوس فكري : بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ = كلمة بكر في اليونانية تشير لمعنى المولود الأول، فالمسيح أو الابن هو مولود من الآبوليس مخلوق، التعبير لا يعني أول خلق الله. وكلمة بِكْر تعني رأس أو بداءة أو مُبدِئ كل خليقة الله، " فكل شيء به كان وبغيره لم يكن شيءمما كان" (يو1: 3) والخليقة مخلوقة وليست مولودة. ونسمع بعد ذلك أنه هو الخالق، فكيف يكون خالقًا ومخلوقًا في الوقت نفسه = الْكُلُّ بِهِ.وإذا كان هو خالق الكل "وكل شيء به كان" فهل خلق نفسه؟ وهو "قوة الله وحكمة الله" (1كو1: 24) فهل الله كان بدون حكمة ثم خلق لنفسهحكمة؟!
فإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ= الفاء تشرح وتفسر معنى قوله بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ = فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ أي لأنه هو الخالق فهو بكر كل خليقة. هذه العبارةتساوي "به كان كل شيء" (يو3:1) وقوله فيه يعني بواسطته BY HIM، وجاءت الترجمة الإنجليزية لهذه الآية "به كان كل شيء" هكذا = "All things were made through Him".
وعن طريقه خرجت الخليقة، فهو البداية ومنه فاضت الحياة فهو له قدرته وسلطانه على جميع الأشياء فهو الذي أوجدها. وهكذا قال الرسول: "الله خالق الجميع بيسوع المسيح" (أف 9:3) + (عب 2:1).
الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ = المسيح ابن الله هو الذي خلق الكل "به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو1: 3) وهذه تساوي الكل بهقد خُلِق .
وله قد خُلق = وهدف الخلقة مجد الله كما قيل في إشعياء "بكل من دعي باسمي ولمجدي خلقته وجبلته وصنعته" (إش43: 7) أي إظهارمجد الله وإنعكاس مجد الله على خليقته. والله خلق الإنسان ليفرح فيسبحه، وليحيا الإنسان أبديا في حياة فرح وتهليل بالله.
وبالخطية فسدت الخليقة وماتت، ولكن قصد الله لا يمكن أن يبطل أو يوقفه شيء.
وَلَهُ قَدْ خُلِقَ = وتجسد ابن الله ليعيد الصورة كما أرادها الله، وليتمجد اسم الله . وكان أن تجسد المسيح ليجمع من قبلوه في جسد واحد هورأسه، وهذا الجسد أي الكنيسة تقدم الخضوع لله (1كو15: 28).
الابن هو الأول والآخِر أي الأزلي والأبدي، لا بداية له ولا نهاية له. وهو البداية والنهاية (رؤ1: 8) بدأ في الزمن يخلق الخليقة وذلك ليتمجدالله فكان البداية، ولما فسدت الخليقة تجسد ليعيدها كما قصد الله منذ البدء أي لتمجد الله فصار النهاية.
خلقنا الابن ولما انفصلنا بالخطية جاء وتجسد ليتحد بجنسنا الإنساني ويصير رأسا لهذا الجسد (الخلقة الثانية). والابن بلاهوته متحدبالآب، والمسيح بتجسده قيل "أدخل البكر إلى العالم" (عب1: 6) صار بناسوته متحدا بطبيعتنا الإنسانية. المسيح هو الابن الوحيد الجنس،له طبيعة واحدة من طبيعتين، الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية. ولذلك قال المسيح "أنا فيهم وأنت فيَّ (يو17: 23) وقال "في ذلك اليومتعلمون إني أنا في أبي، وأنتم فيَّ، وأنا فيكم" (يو14: 20). هو في الآب بلاهوته وهو متحد بنا بناسوته، وأعطانا حياته المقامة من الأمواتنحيا بها. فالابن بتجسده وحدنا في جسده. ولأنه هو بكر الآب [بكر في الإنجليزية = first born] فهو المولود من الآب بلاهوته أزليا، هو ابنالله بالطبيعة. وبإتحاد ابن الله بنا صيَّرنا أبناء لله، وعلمنا أن نصلي "أبانا الذي في السموات"، وقال لمريم المجدلية "اذهبي إلى اخوتيوقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم". (يو20: 17). وهذا معنى أنه بكر كل خليقة، هو خالق الخليقة الأولى (آدم) وهورأس الخليقة الجديدة التي صار لها البنوة لله، صار هو "بكرًا بين إخوة كثيرين" (رو8: 29). صار هو رأس الخليقة الثانية = رأس الجسد،الكنيسة (آية18) وكان هذا سبب سرور الآب حين أعادنا المسيح بفدائه لنكون أبناء لله فقال الآب "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت3: 17) [12]
فهذا النص هو نص خريستولجي قوي : الموضوع الأساسي لهذه الترنيمة هو وساطة المسيح ، أولاً في الخليقة ، ثم في المصالحة. تستحضر العناوين في أول سطرين من كل مقطع صورة الحكمة - "صورة" (حك 7:26) ، "بداية" و "بكر" (أمثال 8:22 ؛ سير 1: 4) - الذي كان حاضرًا مع الله منذ الأزل (حكمة 9: 4 ، 9) ، ومشارك في الخلق (أمثال 3’:19 ؛ 8: 30 ؛ حكمة 8: 5 ، مز 104: 24) العباراتمليئة بالعمق ، لكنها لا تقدم فهمًا لا لبس فيه لشخص المسيح ورسالته [13] فهي ترنيمة خريستولوجية : الترنيمة الكريستولوجية [14]
اذا من خلال دراسة النص نجد انه نص خريستولوجي يتكلم في مقطعه الاول عن ان المسيح هو رسم الجوهر الالهي ويتكلم عن لاهوته ثمبعد ذلك يتكلم عن انه رأس كل الخليقة لانه هو خالقها ثم تكلم عن تجسده في صورة الانسان واتخذ جسد مخلوق : لأن الكلمة ـ منذ البدءـ عندما خَلَقَ المخلوقات، تنازل إلى مستواها حتى يتيسر لها أن تأتى إلى الوجود. لأن المخلوقات ما كان ممكنًا لها أنتحتمل طبيعته ـ التى هى بهاء الآب الخالص ـ لو لم يتنازل ويعضدها ويمسك بها ويحضرها إلى الوجود بسبب محبةالآب للبشر.( القديس اثناسيوس الرسولي)
واكتفي بهذا القدر وللرب المجد الدائم امين
_______________________________
[1] Nestle Greek New Testament 1904
[2] Letters, 20.
[3] De principiis, 1:2:6.
[4] Three Different Questions, 74
[5] Irenaeus Against Heresies III Chapter IX
[6] “BELIEVER’S BIBLE COMMENTARY WILLIAM MACDONALD ) P. 6098
[7] Strong's G4416
[8] تفسير رهبان دير ابو مقار
[9] ضد الأريوسيين 2: 62،61
[10] الكنز في الثالوث 25
[11] العظة الثامنة في تفسير 1كو 3: 11
[12] تفسير القمص انطونيوس فكر ( كولوسي 1 : 15 )
[13] THE OXFORD BIBLE COMMENTARY EDITORS John Barton, Oriel and Laing Professor of the Interpretation of Holy Scripture, University of Oxford John Muddiman, Fellow of Mansfield College, Oxford ) P . 1194
[14] the oxford bible commentary The Pauline Epistles edited by JOHNMUDDIMAN and JOHNBARTON ) P. 208
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق