المسيح في فكر اوريجانوس

 


اهلا بك عزيزي القارئ في مقال جديد يخص العلامة العظيم اوريجانوس ولتعرف اكثر عن اوريجانوس يمكنك الذهاب للمقال الذي يحمل فيهمعلومات عنه من الرابط التالي


https://epshoi.blogspot.com/2021/11/blog-post_24.html?m=1


وفي هذا سنتكلم عن فكر اوريجانوس في المسيح وسنقتبس من كتابه المبادئ لذلك حتى لا تطيل المقدمة لنبداء بعرض المحتوى 




((( المسيح الحكمة ))



لا بد أن نعرف ، أولاً ، أن الطبيعة الإلهية في المسيح ، ابن الله الوحيد ، أمر وأن الطبيعة البشرية التي اتخذها في الأزمنة الأخيرة من أجلالتدبير أمر آخر . لذلك ، يجب أن نرى أولاً ما هو ابن الله الوحيد ، الذي يتلقى أسماء عديدة ومتنوعة حسب أحوال الذين يسمونه ، أو حسبآرائهم . إنه يدعى الحكمة ، كما يقول سليمان [1]



يقول القديس بولس أيضاً : المسيح ، قوة الله وحكمة الله .  لا يظنن أحد فينا أننا نقول بأن المسيح خلو من الجوهرة حين ندعوه حكمة الله " ،وكأن بنا لا نجعل منه ، على سبيل المثال ، كائناً حياً وحكيماً ، وإنما شبه شيء يكسب الحكمة إذ يحضر فيلج عقول الذين باتوا قادرين علىقبول الطاقات التي توفرها والفهم . فإنه إن يثبت ثبوتاً قاطعاً أن ابن الله الوحيد هو حكمته القائمة بشكل جوهري [2]




كيف يمكن التفكير والاعتقاد بأن الله الآب كان أبدأ ، حتى في سانحة وقت ، بدون ولادة هذه الحكمة لو شئنا أن نعرف ونفكر بورع في ما هومن شأن الله ؟ أو يقول قائل بأن الله ما أمكنه أن يلد هذه الحكمة قبل أن يلدها ، بحيث إنه وضع لاحقاً ما لم يوجد من قبل ، أو بأنه كان فيمقدوره ، أجل ، أن يلدها ولكنه – يا للافتراض للعزوف عنه – لم يكن يشأ ذلك . ذلك بأن كلاً من الفرضيتين اللاحقتين هراء وكفر ، إنما ذلكواضح : أن نتخيل أنه جاز متقدماً من العجز نحو القدرة ، أو أنه أعرض فأرجأ ولادة الحكمة ، رغم قدرته على فعل ذلك . لهذا ، نعلم أن اللههو أبداً أب لابنه الوحيد ، المولود منه [3]  




(( المسيح الكلمة والحق والحياة )) 



يجب كذلك أن أنها كلمة الله ، ما دامت تكشف للكائنات كلها ، أي للخليقة جمعاء ، علة الأسرار والخفايا المحتواة جميعاً ، بدون استثناء ، فيحكمة الله : هنا تسميتها بكلمة ، لأنها أشبه بمفسّر أسرار العقل . وهكذا ، يلوح لي أن هذا القول الذي نجده في أعمال بولس  صائب : إنههو الكلمة ، كائن ذو نسمة ، حي . وقد أعلن يوحنا في بداءة إنجيله ، بطريقة أسمى وأبهى ، محدداً تحديداً كون الكلمة الله ، إذ قال : وكانالكلمة الله ، كان ذاك في البدء لدى الله [4]



الله بداءة ألا يهزأ هزءاً على نحو كافر بالآب غير المولود ، إذ ينكر عليه أن يكون دوماً أباً ، وأن يكون قد ولد كلمة وأصاب حكمة في كل الأزمنةوالقرون السالفة ، كيفما اتفق لها أن تسمى هذا الابن هو أيضاً الحق والحياة بالنسبة إلى الكائنات جميعاً ، على ما يليق به ، إذ كيف يحياالذين برئوا بدون الحياة ؟ وكيف يثبت في الحق من هم في الوجود لو لم يأتوا من الحق ؟ وكيف يعقل أن توجد كائنات عاقلة لو لم يسبقهم  الكلمة العقل  ؟ وكيف يمكن أن يوجد حكماء بدون الحكمة ؟ ولكن ، إذ كان يجب أن يتفق للبعض أن يبتعدوا عن الحياة ويلحقوا بأنفسهمالموت من جراء ابتعادهم عن الحياة - لأن الموت إن هو سوى التنائي عن الحياة – وإذ لم يكن قط أمراً سائغاً أن يهلك ما خلقه الله ذات مرةلكي يحيا ، وجب أن توجد ، قبل الموت ، قوة قادرة أن تبيد الموت القادم وتكون القيامة ، التي ا اتخذت شكلاً لها في ربنا ومخلصنا . هذهالقيامة حكمة الله ذاتها ، في كلمته وحياته [5]



وهي تسمى طريقاً لأنها تقود من يتبعونها إلى الآب . ألفاظ مثل يقر جميع . ما قلناه عن حكمة الله ، ويفهم أيضاً ، ما إن نقول بأن ابن اللههو حياة ، وكلمة ، وحق " ، وطريق ، وقيامة . فهذه الألفاظ كلها تتعلق بأعماله وقدراته ، ولا يجيز أي منها فهماً ، وإن خاطفاً ، لما يؤدي إلىمعنى جسمي كما هو الحال في أ الحجم ، والشكل ، واللون . لا شك في أن أبناء البشر وصغار الحيوانات ، في صنفنا ، يتناسبون وزرعالآباء الذين ولدوهم ، والأمهات اللواتي أعطينهم شكلهم وغذونهم في الحشا ، مستمدين منهم ما يحوزونه يوم مشاهدتهم النور وكل مايكتنزونه في مراحل نموهم . إلا أنه من غير الجائز مماثلة الله الآب في ولادته ابنه الوحيد إذ ما من شيء قط يمكن أن يقارن الله به ، لا فيالواقع وحسب ، بل في الفكر أيضاً وهذا كله حتى يتسنى للإنسان أن يتصور في ذهنه كيف يضحي الله غير المولود أباً للابن الوحيد . وهذهالولادة الأزلية والأبدية إن هي شبيهة إلا بالإشعاع الذي يلده النور  وفي الواقع ، لا يغدو الابن ابناً من خارج ، عبر تبني الروح ، بل هو ابنفي الطبيعة [6]





((( صورة الله الغير منظور  ))) 



والتاريخ يقول ، على نحو مماثل ، إن صورة آدم كانت ابنه شيئاً . فقد كتب ، بالفعل : ولد آدم شيتاً على صورته وشكله . وتكتنف هذه الصورةوحدة طبيعة الآب والابن وجوهر هما . فإذا كان حقيقة أن كل ما يفعله الآب يفعله الابن أيضاً ، إذ يفعل الابن كل شيء يفعله الآب ، فإن صورةالآب ماثلة بشكلها في الابن الذي يشاء مشيئاته لكونه مولوداً منه ، بازغاً منه بالذات [7]


إن الابن هو ، حقاً ، الكلمة ؛ لذا ، لا يجوز أن نرى فيه شيئاً ما حسياً . وهو الحكمة وما من شيء جسمي يشتبه في أمره بالحكمة . إنه النورالحقيقي الذي ينير كل إنسان آت إلى هذا العالم ولكن ، ليس فيه شيء مشترك مع نور شمسنا . فمخلصنا ، إذاً ، هو صورة الله الآب الذيلا يرى . إنه الحق بالنسبة إلى الآب ، أما بالنسبة إلينا ، نحن الذين يكشف لنا عن وجه الآب ، فهو الصورة التي نعرف الآب بواسطتها الذيلا يعرفه أحد غيره ما خلا الابن ، ومن أراد الابن أن يكشفه له على حسب ما قال المسيح : من رآني فقد رأى الآب أيضاً [8]





((( المسيح جوهر الله ))


 لم يقل الرسول ضياء مجده فقط ، بل صورة جوهره الناطقة ، أو صورة كينونته أيضاً ، لا يبدو التحول بالانتباه نحو السؤال التالي نافلاً : كيف يمكن غير جوهر الله ، أدعوناه جوهراً أم كينونة ، كيف يمكنه أن يدعى صورة جوهره ؟ لنر هل يمتنع علينا القول بأن ابن الله – المدعوأيضاً كلمته وحكمته ، الذي يعرف وحده الآب ويكشفه للذين يريد أي الذين أصبحوا قادرين أن يتقبلوا كلمته وحكمته - يقال عنه إنه ينطقبصورة جوهره ، أو كينونته ، من حيث إنه يحمل على فهم ومعرفته . وهكذا ، فإذ تتمثل الحكمة في ذاتها ما تريد أن تكشفه للآخرين حتىيعرفوا الله ويفهموه ، يقال عنها إنها صورة جوهر الله الناطقة [9] 




(((( المسيح صدور مجد القدير ))) 




ما يقوله الكتاب بأوضح كلام : صنعت كل شيء بحكمتك وما يعلمه الإنجيل : كل به كون ، وبدونه لم يكن شيء واحد كان [10] فبالحكمة ، أيالمسيح ، يملك الله على كل شيء ، لا بقدرة السلطان فقط ، بل بخنوع أتباعه التلقائي أيضاً . فالآب والابن يحوزان القدرة الواحدة نفسها ،كما أن الرب نفسه إله واحد أحد مع الآب . هذا ما يعرب عنه يوحنا في كتابه الرؤيا : هذا ما يقوله الرب الإله ، الكائن ، والذي كان ، والذيسيأتي ، القدير فهل من آخر سوف يأتي سوى المسيح [11] أن كل ما للآب هو للمسيح ، فإن بين ما الآب عليه قدرته أيضاً . فحري بالابنالوحيد ، بلا أدنى ريب ، هو أيضاً أن يكون قديراً حتى يكون لدى الابن أيضاً ما لدى الآب ويقول : وأنا قد تمجدت فيهم  أجل ، باسم يسوعستجثو كل ركبة مما ف السماء ، وعلى الأرض ، وتحت الأرض ؛ ويعترف كل لسان أن يسوع رب لمجد الله الآب وعليه ، تكون حكمة الله نفسهاانبثاقاً صافياً وخالصاً لمجد الله . من حيث إنه قدير ، وتتمجد كانبثاق من قدرته أو مجده [12]






(( المسيح شعاع النور الازلي )) 




وتسمى الحكمة ، ثالثاً ، ضياء النور الأزلي  وقد بسطنا أعلاه قوة هذه العبارة ، عندما تناولنا في كلامنا المقارنة مع الشمس وسنى أشعتها؛ كما بينا على قدر طاقتنا كيف يجب فهمها . حسبنا الآن إضافة لا غير . إننا ندعو ما لم يشرع في الوجود ، وما لن ينثني عن أن يوجد ،أبدياً أو أزلياً ، بحصر المعنى . هذا ما يعبر عنه يوحنا عندما يقول : إن الله نور وحكمة الله ، بالواقع ، ضياء نوره ، لا من حيث إنه نور وحسب[13] وإنما أيضاً من حيث إن هذا النور أزلي . وبالتالي ، فالحكمة أزلية وضياء أزليته ، في آن واحد . إن نفهم جيداً هذا يغد جلياً أن كيانالابن يتحدر من الآب نفسه ، ولكن بطريقة لا زمنية ودون بدء ، بل من الله ذاته [14]




__________________________________


[1] اوريجانوس في المبادئ  الاب جورج خوام البولسي ص 83 


[2] المصدر السابق ص 84


[3] ( المصدر السابق ص 85 )  شرح الاب جورج خوام : بخصوص ولادة الحكمة ولادة أزلية في معارج التفكير الفلسفي : كيف السبيلإلى ربط منطقي بين الولادة والأزلية ؟ وفي اعتقاد أوريجانس أن هذه الولادة قد تمت على نحو انعدام من الزمن ، في عالم لا تسود فيهأحكام الوجود على طريقة عالمنا . فليست الولادة قد تمت وكأنها لم تكن قبل أن تتم ! وإنما هي حال وجود تام للدلالة على ميزة 


[4] ( المصدر السابق ص  86 ) - بخصوص اعمال بولس : لا شك أنه أحد المؤلفات غير القانونية . ويدل استعمال أوريجانس على رواج هذاالمؤلف في الأصقاع المصرية ، في زمن لم تكن الأسفار القانونية قد ثبتت . وما يجدر حقاً التنبه له أن المؤلف المذكور بات مفقوداً ، فلا ينبغيالخلط إذا بينه وبين مؤلف منحول الاسم يعرف « بأعمال بولس وتقلا » 



[5] المصدر السابق ص 87 ) ويقول الاب حورج خوام : يبدو تعليم أوريجانس بشأن ولادة الابن الأزلية في أقشب حلة له . فلا يعقل وضع بدءلكيان الابن ، حتى من قبيل علة تفكير ، لأن الآب يغدو آنذاك بدون ابن ، وليس هو أباً من بعد . ولا يعقل المزج ، مع ذلك ، بين كيان الآبوكيان ابنه كأن الكلام في مجرد أسماء ، لأن تأكيد الكتاب بأن كل شيء قد خلق بالابن 


[6] المصدر السابق ص 88 


[7]  المصدر السابق ص 90


[8] المصدر السابق ص 91 - 92


[9] المصدر السابق ص 93


[10] المصدر السابق ص 97


[11] الصفحة السابقة 


[12] الصفحة السابقة ) من امتيازات العبارة وحدة الكيان والحيازة في الآب والابن : فما في حوزتهما وما هما عليه واحد  


[13] المصدر السابق ص 98


[14] المصدر السابق ص 99

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق